مفهوم الهمة
تعرف الهمة بأنها الطاقة الكامنة في ذَواتنا، والتي تدفَعُ أصحاب الهمم للحركة والعمل، وإذا صدرت هذه الطاقة من طرف الخير في نفوسنا، كانت الحركة نحو الخير، وإذا كان مصدر الطاقة النفس الأمَّارة بالسُّوء فإنَّ الحركة تتوجه إلى الشر، أو نحو خيرٍ غير كامل مَشُوب بشر الشهوات.
يكتب ابن الجوزي في كتاب “صيد الخاطر” عُلوَ الهمة في الخير بأنَه علامة أكيدة من علامات كمال ورجاحة العقل.
علوُّ الهمَّة أحياناً فطَر الله بعضَ البشر عليه، ولكنَ الحقَ هناك ضرورة لشحْذ الهمَة وتقويتها، وحتى نتعلَم الوسائل التي تعلو بالهمم فعلينا دِراسة دقيقة في مسيرة العظماء من العُلَماء والمصلحين والمربِّين الذين رفعوا بهمتهم الأُمَم.
وسائل رفع الهمم
- الإخلاص: هو أهمُّ الوسائل على الإطلاق، لقولٍ ابن القيِّم في كتاب “الفوائد”: (عز الدنيا والآخِرة – موقوفٌ حُصوله على الهمَّة العالية والنية الخالصة)، ويقول الخليفة عمر: (إنَ لي نفسا تواقة؛ كُلَما أدركت أمرًا تمنَت ما هو أعلى منه، ولقد بلغت الخلافة وإني لأَتوق إلى الجنَّة)
- ولقد ارتفعت الهمم العالية بأصْحابها درجات وجعلَتْهم يُدرِكون أن كل شيء عدا الجنَة صغير لا يُؤبَه له، واستَمِع إلى حديث التاريخ عن همَّة عبد الرحمن الداخل الذي أُهدِيتْ له حين دخل الأندلس جارية يأخُذ حُسنُها بمجامع القلب والعقل، فنطَر إليها وقال: إنها من النظر والقلب بمكان، وإنْ أنا شُغِلتُ عنها ظلمتُها، وإنْ أنا شُغِلتُ بها ظلمتُ نفسي وهمَّتي، وأمَر بردِّها إلى أصحابها.
- الجديَة: وهي اليقَظَة، وأساسُها العلم والبصيرة، وهي مطلبٌ صعب لا يصله إلا مَن وضع امام عينيه ثلاثة أمور: الهدف الواضح، وأن الهدف صعب، وأن الوقت مهم. فهذا يحفز الهمَّة ويدفَع الملل.
- مخالطةُ أهل الهمم العالية: فكلُّ قرينٍ بالمقارن يقتَدِي، ويُعِينُ على الترفع بالهمة الترفُّع عن صغائر الأمور وإدراك حجم العمل اللازم، فإنَّ الواجبات أكثر من الأوقات، ومن أهمُّ ما يرتقي بأصحاب الهمم معرفتهم وادراكهم عظم الأجر والثواب من الله تعالى فإنَّ سِلعة الله غاليةٌ وهي جَنَّةٌ عرضُها السماوات والأرض أُعِدَّتْ للمتقين.
معوقات علو الهمة:
بما أن هناك أسباب تساعد الإنسان على أن الحصول على همة عالية فهناك ما يعيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور وأشرفها ويكره سفسافها) فإذا ضعفت الاستعانة بالله سبحانه وتعالى كالتقصير بالدعاء والاستخارة عند الإقبال على أمور الحياة، كان ذلك السبب في هبوط الهمم وأهم معوقات علو الهمم.
أقوال في الهمة:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لا تصغرنَ هِمَتُكم؛ فإني لم أرَ أقعد عن المكرمات من صغر الهمم)
وقال إبراهيم طوقان:
كفكف دموعك.. ليس *** ينفعك البكاء ولا العويل
وانهض ولا تشكُ الزمان *** فما شكا إلا الكسول
واسلك بهمتك السبيل *** ولا تقل كيف السبيل
ما ضل ذو أمل سعى *** يوما وحكمته الدليل
كلا ولا خاب امرؤ *** يوما ومقصده نبيل
وقال ابن القيم: (فمن علت همته، وخشعت نفسه -اتصف بكل جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه- اتصف بكل خلق رذيل)
وهناك الكثير من الأقوال والكلمات المأثورة التي ذكرها العلماء، والأدباء والحكماء التي تبين فضل الهمة، فالهمة العالية طريق مليئ بالتعب ولكنه أيضا واحد من أعظم أسرار السعادة.
صاحب الهمة العالية يجتاح عقبات الحياة وتحدياتها، وإن الهمة العالية سر نجاح وعظمة العظماء.