أقسام أسماء الله الحسنى هي ثلاثة أقسام : القسم الأول هو التعلق والقسم الثاني هو التخلق والقسم الثالث هو التحقق . وبها يتسخر الفعل في الوجود وهو علم التصريف.
مِن المفيد جداً في باب فقه الأسماء الحسنى معرفةَ أقسامها من جهة معانيها ودلالاتُها، وهي تنقسم إلى عدَّة أقسام:
القسم الأوَّل من أقسام أسماء الله الحسنى:
يكون منها دالاً على صفة ذاتيةٍ، والصفة الذاتية هي الصفة لايزال الله تعالى متصفاً بها، فهي لا تنفكُّ عن الذات، ولا تعلُّق لها بالمشيئة.
فمن أسماء الله تعالى الحسنى
“الحيّ” وهو دالٌّ على ثبات صفة “الحياة”.
“العليم”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “العِلم”.
و”السميع”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “السَّمع”.
و”البصير”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “البَصَر”.
و”القويُّ” وهو دالٌّ على ثبات صفة “القوَّة”.
و”العليُّ” وهو دالٌّ على ثبات صفة “العُلُوِّ”.
و”العزيز” وهو دالٌّ على ثبات صفة “العزَّة”.
و”القدير” وهو دالٌّ على ثبات صفة “القدرة”.
وكل هذه الصفات صفات ذاتيةٌ؛ لأنها مرافقة للذات لا تنفكُّ عنها، وليس لها تعلُّقٌ بالمشيئة.
القسم الثاني :
يكون منها دالاً على صفةٍ فعليةٍ، والصفة الفعليةُ هي التي تتعلقُ بالمشيئة، إن شاء فَعَلَها وإن شاء لم يَفعَلْها.
ومن هذا القسم اسمه تبارك وتعالى
“الخالق”، وهو دالٌ على ثبات صفة “الخلق”.
و “الرزاق”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “الرَّزق”.
و”التواب”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “التوبة”.
و”الغفور”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “المغفرة”.
و”الرحيم”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “الرحمة”.
و”المحسن”، وهو دالٌ على ثبات صفة “الإحسان”.
و”العفوّ”، وهو دالٌّ على ثبات صفة “العفو”.
وجميع هذه الصفات صفات فعلية كونها متعلِّقةً بالمشيئة.
قال تعالى: (يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) ، وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ، وقال تعالى: (وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) ، وقال تعالى: (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ، وقال تعالى: (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ)، وقال تعالى: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) ، وقال تعالى: (وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
القسم الثالث :
أسماءٌ دالةٌ على التنزيه والتقديس وتبرئة الله سبحانه وتعالى عن النقصان والعيوب وعمَّا لا يليقُ بهِ وبجلالته وكمالِه وعظمته، كأسمائه: “القُدُّوس” و “السلام” و “السُّبُّوح”؛ فهي تعود إلى التنزيه والتقديس وتبرئة الله عمَّا لا يليقُ به، وإلى السلامة من النقائص والعيوب، أو أن يكون لله تعالى شبيه من خلقه أو نظيرٌ أو مثيلٌ، فالله تعالى المنزَّهُ سبحانه عن كلِّ ما ينافي صفات الكمال والجلال والعظمة، وهو المنزَّه عن الضِّدِّ والنِّدِّ والكفؤ والمثال
وهذا التنزيه هو من دلائل هذه الأسماء.
فالقُدَّوس يدلُّ على التقديس وهو التنزيه.
و”السلام” يدلُّ على السلامة من النقائص والعيوب.
و “السُّبُّوح” يدل على التسبيح، وهو التنزيه، كما قال تعالى: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
القسم الرابع :
الأسماء الدالة على جملةِ أوصاف كثيرة لا على معنىً واحد؛ فهناك من أسمائه سبحانه ما يكون دالاًّ على عدَّة صفات، ويكون ذلك الاسم متناولاً لجميعها تناولَ الاسم الدَّال على الصفة الواحدة لها، ومن هذه الاسماء هي: المجيد، والحميد، والعظيم، والصمد، والسيِّد.
فإنَّ “المجيد” من يتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال، ولفظه يدلُّ على هذا؛ فإنه موضوع للسَّعةِ والكثرة والزيادة، ومنه قولهم: “في كلِّ الشجر نار واستمجد المرْخُ والعفار”، أي: زادا وكَثُرا، فالمجيد يعود إلى عظمةِ أوصافه وكثرتها وسعتها، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وعلى تفرده بالكمال المطلق والجلال المطلق والجمال المطلق، فهو ليس دالاً على معنى واحد، وإنما هو دالٌّ على صفات عديدة.
و”الحميد” أي: الذي له جميع المحامد، وهي جميع صفات الكمال، فكل صفة من صفاته يحمد عليها.
و”العظيم” من له كمال العظمة في أسمائه وصفاته وأفعاله، الذي يتصف بصفاتٍ كثيرة من صفات الكمال والعظمة والجمال.
و”الصَّمد” هو واسع الصفات عظيمة، الذي كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وعظمته وجميع صفاته.
الأقسام الأربعة
فهذه أقسام أربعة من الجيد معرفتها ومعرفة ما يحتوي كل قسم منها من أسماء الله الحسنى، فإن في ذلك نفعٌ عظيم وفائدةٌ جليلةٌ في بابِ فقه الأسماء الحسنى ومعرفة مدلولاتها.
ولما يتقدم فيها أيضاً من دلالةٌ على أن أسماء الله كلها نعوتٌ، ليست أعلاماً محضةً لمجرد التعريف، بل هي أسماء مشتقةٌ دالةٌ على معانٍ هي صفاتُ كمالٍ قائمةٍ به سبحانه تُوجبُ له المدح والثناء.
فمن أسمائه ما يدلُّ على صفاتٍ ذاتيةٍ، وبعض منها ما يدلُّ على صفاتٍ فعليةٍ، ومنها ما يدلُّ على صفاتِ تقديسٍ وتنزيهٍ، ومنها ما يدلُّ على جملةِ أوصافٍ عديدة، وليس فيها مطلقاً اسمٌ لا يدلُّ على صفةٍ، والله تعالى أثنى على نفسه بأسمائه قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ، وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).
وما كان من الأسماء جامداً غير دالٍّ على صفةٍ لا مدح فيه ولا دلالة له على الثناء، لا يدخل في أسماء الله؛ لأن أسماء الله كلها حسنى، أي: بالغةً في الحسن وذلك لدلالَتِها على صفاتِ الكمال لله سبحانه وتعالى.
خاتمة في أقسام أسماء الله الحسنى
لقد اجتمع أهل السنة والجماعة على إثبات أن جميع أسماء الله تعالى الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، على الوجه اللائق بذات الله سبحانه وتعالى، وإثبات ما يتعلق بهذه الأسماء من أحكام ومقتضيات.
وهذا البحث الموسوم(أقسام أسماء الله الحسنى وضوابطها ودلالتها) يحتوي بيان اعتقد فيه أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وأن مستندهم في إثباتها كتاب الله تعالى والسنة النبوية الصحيحة.
وأنَّ الأسماء الإلهية وكلها حسنى تدل على صفات معنوية أو على صفات فعلية. وأنَّ الاشتقاق في أسماء الله تعالى يجوز بشرط تحقق ضابط الأسماء الحسنى. وبيان أنَّ دلالة الأسماء الإلهية على الذات والصفات تكون بالمطابقة، والتضمن، والالتزام.