المؤمن الحقيقي هومن يتوكل على الله دائما وأبدا، هو الذي يؤمن بقضاء الله وقدره ويؤمن أن الله بيده كل شيء، فيعلم ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فمن توكل على الله ما خاب وما خسر.
قال الله تعالى: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ“
قال الله سبحانه وتعالى: “وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير”، كما وقال تعالى:” وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”
ولقد أمرنا ديننا الإسلامي بالتوكل على الله والله يحب المتوكلين: “وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”، لأن الله القادر على كل شيء ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
- مفهوم التوكل على الله
والتوكل على الله يعني تفويض الأمر إلى الله عز وجل والاستعانة به في كل شيء والثقة بحكمه والاعتماد عليه، فكل شيء في هذا الكون يجري بأمر من الله سبحانه، ولكن احذر أخي المسلم أن تخلط بين التوكل والتواكل، شتان ما بين الأمران، والتوكل الحقيقي هو تفويض جميع الأمور إلى الله تعالى مع الأخذ بالأسباب.
- الفرق بين التوكل على الله والتواكل
التوكل كما ذكرت لكم سابقا هو تفويض الأمر إلى الله تعالى وهو من صفات المؤمنين الحقيقين، ويوجد فرق كبير بينه وبين التواكل:
- التوكل يعني الاستعانة بالله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب والسعي دائما لتحقيق كل ما ترغب به، إذا التوكل من الأمور الحسنة والجيدة.
قال عليه الصلاة والسلام: “إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ”.
- أما التواكل فيعني ترك الإنسان للعمل والسعي والأخذ بالأسباب ويحرم على المؤمن إتيانه لأنه من الأمور المذمومة والسيئة.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كان أهلُ اليمنِ يَحُجُّون ولا يَتَزَوَّدون، ويقولون : نحن المُتَوكِّلون، فإذا قَدِموا مكةَ سألوا الناسَ، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى :”وتزودوا فإن خير الزاد التقوى”).
- آيات عن التوكل على الله
- ” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ “
- ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ “
- ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ “
- ” فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾”
- ” وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ “
- ” … قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ”
- · ” وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ “
- ” وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ”
- أحاديث عن التوكل على الله
- قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : “مَن قالَ إذا خرجَ من بيتِهِ : بِسمِ اللَّهِ، توَكَّلتُ علَى اللَّهِ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ يقالُ لهُ هُديتَ، وكُفيتَ، ووُقيتَ فيتنَحَّى عنهُ الشَّيطانُ، ويقولُ شيطانٌ آخرُ : كيفَ لَكَ برجُلٍ هديَ وَكُفيَ ووقيَ “
- جاء في الحديث الشريف: “من آمن بي وبرسلي، وعمِل صالحًا ولم يُشرِكْ بي شيئًا، ولم يتَّخِذْ من دوني أندادًا فهو آمِنٌ، ومن سألني أعطيتُه، ومن أقرضني جزيْتُه، ومن توكَّل عليَّ كفَيْتُه، إنِّي أنا اللهُ لا إلهَ إلَّا أنا، لا خُلْفَ لميعادي، قد أفلح المؤمنون، تبارك اللهُ أحسنُ الخالقين.”
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، قالَهَا إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ قالوا: “إنَّ النَّاسَ قدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا، وقالوا: حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ”
- عن أبي بكر الصديق: “قال: قُلتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُم”
- قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال اعقِلها وتوكَّل
وأخيرا فلنعلم جميعا إخوتي في الله أنه ما خاب إنسان توكل على الله، والتوكل على الله من شعب الإيمان ومن أفضل الأعمال القلبية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها