إن أساس قبول الأعمال الصالحة عند الله تعالى هو الإخلاص، فالعبادة من دون إخلاص عبادة غير مقبولة ومردودة على أصحابها. لذلك أحببت أن أُذكر إخواني الكرام بأهمية الإخلاص، وثمراته في الدنيا والآخرة.
معنى الإخلاص
الإخلاص: هو أن يقصد المسلم بعمله التقرب إلى الله تعالى وكسب رضاه وحده. (مدارج السالكين لابن القيم جـ2صـ91)
الفرق بين الصدق والإخلاص
(1) الصدق هو الأصل؛ وهو الأول، أما الإخلاص فهو فرع؛ وهو تابع.
(2) الإخلاص يكون بعد الدخول في العمل، أما الصدق فيكون بالنية قبل دخوله.
أهمية الإخلاص ومنزلته
لا بد لنا من إخلاص أعمالنا لله أياً كان العمل الذي نعمله حيث قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة: ٥، وقال عليه الصلاة والسلام : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»
وقال عليه الصلاة والسلام : «قال الله : أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا بريء منه؛ وهو كله للذي أشرك».
ولا بد لنا في إخلاص أعمالنا لله، أن تكون أعمالنا مما شرعه الله على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} آل عمران: ١٣ .
ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»
، وفي لفظ في صحيح مسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
وبالمتابعة والإخلاص يتحصن المسلم من ألد خصومه ألا وهو البدعة والشرك والرياء.
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: “فهما توحيدان، لا نجاة للعبدِ من عذاب الله إلا بهما: توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرسول”.
كيفية تحقيق إخلاص الأعمال لله
على المسلم أن يقوم بعدة أمور حتى يصل إلى إخلاصِ الأعمال لله سبحانه وتعالى في أقواله وأفعاله، وذلك من خلال:
عدم إظهار الأعمال وإخفاءها
إذا أراد المسلم إخلاص الأعمال لله فأول ما يجب أن يقوم به هو إخفاء ما يقوم به من أعمال صالحة قدر الإمكان؛ فالمخلص الصادق لا يرغب أن يظهر شيء من أعماله الصالحة لأحدٌ من الناس سواء كان عمله عظيماً أم صغيراً.
الخوف من الشهرة
حيث يجب على المسلم إن أراد إخلاص الأعمال لله أن يبتعد عن مواطن الشهرة، حيث روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة. إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع له).
لوم النفس
حيث أن لوم النفس واتهامها بالتقصير في العبادة من أهم سبل ووسائل إخلاص الأعمال لله، قال الله تعالى: ﴿والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾
وقد نزلت هذه الآيات تتحدث في مضمونها عن المؤمنين حقاً ومن صفاتهم أنهم يصلون ويتصدقون ويصومون، وبعد ذلك يخافون ألا يتقبل الله منهم أعمالهم.
الصدق في مدح الناس والثناء عليهم:
قال ابن قيم الجوزية: (لا يجتمعُ الإخلاص في القلبِ ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس؛ إلا كما يجتمعُ الماء والنار، والضب والحوت).
فيجب على المسلم إن أراد إخلاص الأعمال لله أن يستخلص الطمع من قلبه، ويقبل على الصدق في الثناء والمدح.
قراءة سير الصالحين من عباد الله
كالأنبياء والتابعين والصحابة والفقهاء والعلماء، والاطلاع على أفعالهم وأخبارهم وما كان يشير إلى إخلاص الأعمال لله، ومصاحبة عباد الله المخلصين والسير معهم. يقول الحسن البصري:(إن كان الرجل لقد جمَع القرآن وما يشعر به جاره، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزور “أي: الزائرون” وما يشعرون به.
ولقد أدركنا أقواماً ما كان على ظهر الأرض من عملٍ يقدرون على أن يعملوه في سر فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت. إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم عز وجل).
معرفة أهمية الإخلاص وفضله في المآل والحال
حيث أن الإخلاص يعتبر من شروط قبول الأعمال. والإخلاص في العمل هو كالروح للجسد؛ فمثلما أن لا حياة للجسد من دون روح، فلا نفع للعمل ولا حياة فيه إلا بالإخلاص.
ثمرات إخلاص الأعمال لله
إذا كان العبد مخلصاً في كل أمور حياته، فسوف ينال ثمرات عديدة، ومن أهمها:
- الإخلاص سبب من أسباب الدخول إلى الجنة، والزيادة في نعيمها.
- الإخلاص يزيد من عزة الشخص، ويرفع له درجاته في الدنيا والآخرة.
- الإخلاص يحافظ على المسلم من أي أذى ممكن أن يصيبه.
- الإخلاص يحفظ الإنسان من تسلط الشياطين عليه ومن وساوسهم.
- الإخلاص سبب في البركة في العمل.
- الإخلاص يصفي وينقي قلب المسلم من الشرور والأحقاد.
- الإخلاص سبب في محو سيئات المسلمين وغفران جميع ذنوبهم.
- الإخلاص سبب في تفريج هموم المسلم، والتخلص من أحزانه.
خلاصة إخلاص الأعمال لله
يعتبر إخلاص الأعمال لله من أكثر الأسباب التي تجعل الإنسان ناجحاً في حياته. إضافة إلى أن الإخلاص بشكل عام هو واجب مفروض على المسلم كي يكسب رضا الله.