إن الحيلة في امتلاك القدرة على تحقيق أيّ شيء تطمح إليه في فكرة واحدة وهي الإيمان بأنك حقًا قادر على تحقيق ما تريده أو بمعنى آخر الثقة بالنفس. نسمع كثيرًا في يومنا هذا عن مصطلح الثقة بالنفس ومهارات تقدير الذات، ويعجّ العالم من حولنا بالمحاضرات والندوات والدورات عبر الإنترنت التي تهدف إلى الوصول بنا لهذا المستوى من الإيمان بقدراتنا ومهاراتنا، لكن يغفل الكثيرون عن كلّ تلك التصرّفات البسيطة التي نقوم بها يوميًا وتحطّم ثقتنا بأنفسنا، وتقتل اعتزازنا بذواتنا وذلك بسبب الأنماط المحطمة للذات.
مفهوم معرفة الذات
يعدّ مفهوم الذات أو النفس من المواضيع المهمة في الفلسفة والتعليم والتربية وعلم النفس، وهناك وجهات نظر مختلفة في علم النفس، من مثل النظرة الاجتماعية، والنظرة المعرفية، والنظرة الاجتماعية التحليلية. (محسني، 1375، ص26). وهنا قسم وليام جيمز النفس إلى قسمين أساسيين:
الذات الموضوعية أو المفعولية، والذات العاملة أو الفاعلة. ويرى جيمز أنّ الذات الموضوعية هي عبارة عن الخصائص الجسمية والاجتماعية والنفسية والمعنوية التي يمكن أن يعدّها الفرد جزءاً منه. والذات العاملة التي تقوم بدور تنظيم التجارب وتحليلها، تعني الذات المتطّلعة على أمور عدّة، منها: الاختيار، والتشخيص، والتدبّر، والتجارب الشخصية.
آيات قرآنية عن محاربة الأنماط المحطمة للذات
من خلال التفكّر في خلق الله عند التمعُّن في عظيم صنع الله -تعالى- تفتح الآفاق ويطمئن القلب ويتوافق العقل فيتطور ويتقدم، وهذا ما أكّدت عليه عدّة آيات قرآنية نذكر منها الآتي: قال تعالى:
من سورة البقرة
قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
من سورة الجاثية
قال -تعالى-: (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
من سورة النحل
قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّلَيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِۦ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيات لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
الأنماط المحطمة للذات
١-تعظيم الأمور والمواقف بحيث تشعر بأن من حولك يركزون على ضعفك ويراقبون كل حركة غير طبيعية تقوم بها .
2- الخوف والقلق من أن يصدر منك تصرف غريب حتى لا يواجهك الآخرون باللوم أو الإحتقار .
3- إحساسك بأنك إنسان ضعيف ولا يمكن أن تقدم شيء أمام الآخرين ،
بل تشعر بأن لا شيء يميزك وغالباً من يعاني من هذا التفكير يرى نفسه إنسان حقير ويسرف في هذا التفكير
حتى تستوطن هذه الفكرة في مخيلته وتصبح حقيقة للأسف.
والنقطة الثالثة والأخيرة في الأنماط المحطمة للذات هي أخطر مشكلة لأنها تدمرك وتدمر كل طاقة ابداع لديك
فعليك أولاً أن تتوقف عن احتقار نفسك ووصفها الدائم ببعض الألفاظ التي تدمر شخصيتك .
مثل ” أنا غبي ” أو ” أنا فاشل ” أو ” أنا ضعيف ” فهذه العبارات تشكل خطراً كبيراًعلى النفس وتحطمها من حيث لا يشعر الشخص بها ..
فعليك أن تعلم أخي / أختي:
بأن الأنماط المحطمة للذات هذه العبارات ما هي إلا أسباب هدم وعليك من هذه اللحظة التوقف عن استخدامها،
لأنها تهدم نفسيتك وتحطمها من الداخل وتشل قدراتها إن استحكمت على تفكيرك. ولا تنسى أيضاً أخي / أختي أن تحدد مصدر المشكلة والإحساس بالنقص.
أسباب الأنماط المحطمة للذات
1- قد يكون هذا الإحساس هو بسبب فشل في الدراسة أو العمل وتلقي بعض التعليقات السلبية الحادة من الوالدين أو المدير بشكل مؤذي أوجارح.
2- التعرض لحادث قديم كالإحراج أو التوبيخ الحاد أمام الآخرين أو المقارنة بينك وبين زملائكوالتقليل من قدراتك ومواهبك.
3- نظرة الأصدقاء أو الأهل السلبية لك وعدم الإعتماد عليك في الأمور الهامة … أو عدم اعطائك الفرصة لإثبات ذاتك.
محاربة الأنماط المحطمة للذات
الثقة في الذات لها جمال فتان:
فهي تسحر الآخرين وتجعلهم يكتسبون ثقتهم في أنفسهم.
حينما يرون شخصيات واثقة؛ ولذا كان من العلاج لمن يشعر في الأنماط المحطمة للذات.
أن يصاحب الشخصيات الواثقة في نفسها، فيتعلم منهم كيف يثق في نفسه؟
فالثقة الذاتية كما أنها تُسلَب فهي تُكتسَبُ، وهذا يعطي الأمل لمن فقد الثقة بذاته،
ولو لم تكن الثقة الذاتية تكتسب لما كانت الكتابة في الثقة الذاتية نافعة.
هناك من يرى أن الثقة الذاتية تتكون عن طريق التفكير الإيجابي، وهذه أداة عقلية لابد منها ولكن الأمر لا يتوقف على هذا فحسب، بل لا بد من عمل حقيقي يجعل التفكير الإيجابي أمرًا لا هروب منه، فوضع الأهداف والسعي لتحقيقها هو إحدى طرق محاربة الأنماط المحطمة للذات.
خلاصة الأنماط المحطمة للذات
ولا تنسى أخي أن القرآن فيه شفاء فالزمه ولا تبتعد عنه واتبعه وتوكل على الله في كل أمر واعلم بأن الله بيده كل شيء فلا داعي للقلق من المستقبل أو الخوف من الحاضر فكل هذا لو اجتمع على قلب مؤمن ما هز في جسده شعرة وهذا دأب المؤمن وحاله في كل زمان ومكان هادئ البال مطمئن، متوكل على الحي الذي لا يموت مرطباً لسانه بذكر الله ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) .