التواضع والخشوع والتذلل تلك صفات المؤمنين فعلاً، وهي من أكمل الصفات وأدلها على حسن الخلق المتصف بها .ويحدثنا الله جل جلاله في سورة الفاتحة:ـ (إياك نعبد وإياكَ نستعين)
فالتواضع مع الله سبحانه يدخلنا في المكانة العالية (لأن من تواضع لله رفعه) والذين يملكون صفة التواضع أي لا يستكبرون على عباد الله جل جلاله فلهم بعض الالتزامات والمهام ليثبتوا على تلك الصفة التي نتأمل أن نتعايش بها
معنى التواضع لله تعالى
إنّ التواضع واحد من أهم الأخلاقيات التي دلت على طهارة النفس وتدعو إلى المساعدة والمحبة والمساواة بين البشر، ونشر الترابط بينهم، ومحو الحسد، والحقد ، والبغض من قلوب البشر، ويعرف التواضع أيضا بأنه هو الابتعاد عن الغرور على الأشخاص وصول النفس إلى أن تتذلل من الكبر والتعالي، وكذلك التخلص من التباهي المبالغ به على الآخرين والتخلص من العلو الزائد فيه بين الناس
وقد خاطب الله جل جلاله النبي محمد صل الله عليه وسلم في القرآن الكريم عندما قرر أن يجعله متصِفا بالتواضع والحلم عند أداء الرسالة فقال( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)
وسائل التواضع لله تعالى
ذكر أهل العلم الكثير من وسائل التي تعين الفرد على التحلي بخُلق التواضع، والاتصاف به، بعد استعراضهم للأدلة والنصوص الشرعية، الموصلة إلى ذلك الخلق، ومن الوسائل التي توصلنا إلى التواضع ما يلي:
1-معرفة الفرد لقدره
فعندما يعرف الإنسان قدره، وحدود قوته، ويقارنها بقدرة وقوة الله جل جلاله، وأنه ضعيف بالمقارنة مع قوة الله، لا يسعه غير أن يكون متواضع.
2-تذكر المصائب والأمراض والأوجاع
يجب على البشر التواضع وتذلل من أجل التطهير من الأمراض؛ كالحسد والبغض، والعجب والغرور، وذلك بسبب القلب فهو لكل تلك الأمراض فإذا طهُر صلح العمل.
3- تقوى الله جل جلاله
فمن الأمور الهامة التي تعين الفرد على التحلي بخُلق التواضع، تقوى الله والخوف منه، فمتى كان الفرد متقياً لله خائف منه كان ذلك رادع له عن التكبر ووقاية له عن جميع ما يُغضب الله جل جلاله، ودافع له للقيام بالطاعات.
4- التفكر في أصل الفرد
فإن عرف الفرد نفسه، وأن أساسه من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، إلى أن جعله شيء مذكور، واذا علم أن نهايته الموت كان رادع له عن التكبر.
5- تطبيق مبدأ عامل الأشخاص كما تحب أن يعاملوك:
فالإنسان بطبعه يحب أن يتواضع له الأخرين، ويعاملوه بكل لطف ولين، ويكره كل من يعامله بتكبر.
التواضع في الإسلام
إن التواضع في الإسلام من أهم الأخلاق والصفات الممدوحة التي يجب على الفرد التحَلّي بها لكسب رضا الله جل جلاله، فالتواضع في الإسلام، من صفات الأنبياء والمرسلين، ومن صفات المسلمين الصالحين، حيث قال الله جل جلاله في القرآن الكريم: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) فمن صفات المؤمنين الصالحين أن تكون مشيتهم على الأرض مشية هينةً بسيطة بلا تكلف، ولا اختال، وأن يكون متواضع مع الله عز وجل، ومع الأشخاص، وقد ألح النبي محمد صلى الله عليه وسلّم المؤمنين على التواضع في الكثيرٍ من الأحاديث النبوية،
-حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم) إن الله أوحى إلي: أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، و لا يبغي أحد على أحد)
دعاء التواضع لله تعالى
يا الله اذا اعطيتني نجاح فلا تأخذ مني التواضع واذا اعطيتني التواضع فلا تأخذ مني اعتزازي بكرامتي واذا اساء البشر إلي فأوهبني شجاعة العفو واذا أسأت للبشر فأعطني شجاعة الاعتذار.
أهمية التواضع لله تعالى
وما يترتب عليه هو من صفات المسلمين وعباد الله الطائعين له والذي يأتي به يوم القيامة في أمام البشر على عكس تماما عن التكبر والغرور فهو من صفة الله عز وجل. العظمة والكبرياء لله الواحد الأحد ومن أهم تلك الفوائد للمسلم
المتواضع هي:
- زيادة صورة التكافل والترابط بين البشر في بنية المجتمع.
- بالتواضع والأخلاق الحميدة ينتشر الاستقرار والشعور بالأمان والاطمئنان.
- التواضع يهذب النفس ابتغاء وجه الواحد الخالق.
- النظر إلى فعالية الشخص بالنسبة للمجتمع والتعامل مع الأهل وممن حوله.
- التعامل بين الأصدقاء بمودة ولطف وأخاء دون تكبر أو تعالي.
- السعي إلى تهذيب النفس البشرية والبعد عن الغرور والتقرب إلى الله.
- البعد عن الإساءة للناس أو أنه يكون سبب للضرر أو أيذاء أحد.
- المساواة في التعامل بين البشر لينتشر العدل والحق والتخلص من انتشار الفوضى.
- القيام بتحسين أفضل صورة للدين الإسلامي بالتوعية للأطفال والشباب.
- السعي إلى المصادقة البعيدة عن المصالح والعمل والتي تبنى على الحب والمودة.
- التخلق بالصفات الحميدة التي تزيد من وقار الفرد بين البشر والتهذيب بالتواضع وحسن الأدب.
كلمة أخيرة في التواضع لله
يوجد كثيرون من الاشخاص يتصفون بالغرور والكبرياء على الناس من دون سبب واضح ومبرر لتلك التصرفات السيئة وكأنهم أشخاص من عالم آخر غير محاطين ببشر يمتلكون مثل صفاتهم وخصائصهم، فدوماً ما يوثقون سر نجاحهم بأنفسهم وإن البشر لا تسطيع الوصول اليهم ويتناسون إن التوفيق من الله جل جلاله الذي لولاه لم يصلوا الى مرداهم