النفس الإنسانية ساحة واسعة للحرب والسلام وانت بينهما تتخبط ذات اليمين والشمال في ثواني معدودة تنقلب من حال الى حال عبر ذكرى صغيرة او كلمة عابرة او حتى مشهد قد تمر عليه خلال يومك الطول لتنتقل من حالة الراحة والهدوء والسكينة الى مرحلة من الألم والفوران والغليان الذاتي.
بركان داخلي تتفجر منه حمم الغضب وتتخبط داخلك حرب هوجاء بين هذه المشاعر المتأججة بالغضب وبين صوت عقلك وقلبك الذي يخبرك أن تهدأ وتستكين، لأن أمورك كلها بيد الله عز وجل. وهنا تظهر فائدة اليقين بما قدره الله لك من أمور حياتك وتنهض بروحك التي تعبت من حرب السلام مع النفس المتعبة للتوجه بكل عواطفك وأساريرك نحو الله تبتهل وتتوجه له بالدعاء أن يسكن السلام قلبك ونعود السكينة الى صدرك الملتهب “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله”
الصراع الداخلي وحرب السلام مع النفس
من خلال محاولتك لأن تجد حلاً للانشطار والانفصام الذي يصيب شخصيتك وهنا يتبادر الى ذهن المؤمن قول سيدنا يونس عليه السلام حين نادى ربه وهو داخل الحوت “اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا فان لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين”.
لجوئك إلى الله عز وجل في أمور حياتك وشؤونك كلها هي التي ستخمد حرب السلام في النفس وتصل بك إلى بر الأمان والطمأنينة.
كان رسول الله صل الله عليه وسلم يسأل بلال أن يؤذن للصلاة كلما ضاق صدره فيقول له ” ارحنا بها يا بلال” فالصلاة جاءت من الصلة وهي ما يوصل العبد بربه ليخبره عما يعتمر قلبه داعيا إياه ان يشرح له صدره ويفرج همه وأن يعم السلام روحه وقلبه قال تعالى “ألم نشرح لك صدرك*ووضعنا عنك وزرك* الذي أنقض ظهرك”
فرار الإنسان من ذاته وضياعه
مع نشوب حرب السلام في النفس و بينما يركض الإنسان ليجد طريقة يخرج بها نفسه من خلال هذه الحرب التي تفتك بجسده وعقله وروحه يضل كثير من الناس ويعتقدون أن فرار الإنسان من ذاته القديمة هي الطريق ليجد الحل ويسكن السلام داخله.
بنفس الوقت يعلم أن بعده عن ذاته وعن ربه هما اللذان يزيدان من وضعه سوءا فهو سيصلح الخطأ بخطأ أكبر فيتوجه عدد كبير من الناس نحو المخدرات و المسكرات والمحرمات هربا من الماضي والحاضر دون أن يدرك أنه بذلك يضيع ما تبقى من حياته ليجد نفسه قد وقع في مشاكل وآلام أكبر من ذلك بكثير
لأنه لم يعتقد أن الحل كان هو المسكن الذي سيوصله للهلاك في الدنيا والاخرة فلا صبر ورضي فنال الاخرة فالجنة هي دار السلام والأمان التي وعدنا بها الله تعالى ,ولا حاول إصلاح شأنه ونفسه فنال نصيبه من الفوز بالدنيا والآخرة قال تعالى في كتابه الكريم ” وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون”
وقال” “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله “
فرار الإنسان من ذاته وضياعه
بالتأكيد أن حياة الإنسان هي بمجملها هي جهاد مع الذات للابتعاد عما حرمه الله والامتثال لأوامره ونواهيه، لذلك ينال الإنسان رضى ربه ومحبته ومحبة الرسول والناس، وكثيرا ما نصادف في حياتنا أشخاص نالوا من أذى الدنيا ومشاكلها الحظ الكبير ولكن رغم ذلك تجدهم منفرج الأسارير والرضى والحبور باد على وجوههم فما هو السبب وكيف أصل الى السلام النفسي الداخلي؟
كل شيء مقدر من عند الله والله لا يضر عبد توكل عليه والجأ ظهره وسلمه بنانه وعقله وكل أمره ((قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)) فالإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من أركان الايمان فكيف لك ان تخشى شيء وأنت تعلم أنه من عند الله وهو من سمى نفسه بالسلام وهو الذي أمرنا أن نجعل السلام هو تحية الإسلام.
في الختام، لا تترك لوسوسة الشيطان وهمزاته أن تسكن قلبك وعقلك يوقدوا نار الحرب في داخلك ويبعدك عن الأمن والراحة، مع ذلك اجعل من القرآن العظيم رفيقك ومن الصلاة والدعاء سبيلك للهدوء والراحة وأجعل لسانك دائما رطباً بذكر الله لتعيش حياتك بسلام وتدخل إلى دار السلام.