الذوق كلمة ذات جانبين جانب معنوي واخر شخصي ذاتي وجسدي,أما الجانب المعنوي فهو ما يصدر عن الأشخاص من أقوال وأفعال وكلمات تدل على طيبة معشره وحسن اخلاقه وتربيته وتظهر واضحة من خلال حواره ونقاشه وكلامه مع الآخرين وتصرفاته التي يبادر بها تجاه المحيطين به سواء أكانوا من معارفه أو غرباء في الاحترام والاستماع للاخرين هي أحد جوانب الذوق التي لا ينتبه لها البعض .
بينما يظهر الجانب الثاني من الذوق في طريقة ارتدائه الملابس والطعام والجلوس والسلام وباقي التصرفات التي نشاهده من شخص ما دون أن الاحتكاك به او التكلم معه وقد اهتم الغرب بهذا النوع من الذوق بشكل كبير فيطلق على متابعي الموضة والطبقة العليا من المجتمع اصحاب الذوق الرفيع وخاصة عندما تراهم يسارعون لامتلاك القطع الفنية والملابس الغالية بأسعار خيالية بينما حث الدين الاسلامي على أن يرتبط الجانبين معا ليكون الإنسان من اصحاب الذوق.
· سلامة الذوق وأثره في الفرد
سلامة ذوق الانسان تنبع أولا من تربيته في المنزل فترى الاهل ينكبون على تربية ابنائهم والسعي نحو تعليمهم ويتجاهلون أن يزرعوا هذا الجانب في أخلاقهم ومتناسين أن يخبروه أن احترام الآخرين هو واجب وإكرام الضيف والتعامل معه بأدب واحترام وإلقاء السلام عليه بالابتسامة والبشاشة هي احدى جوانب الذوق التي تجعله اكثر رقيا ومحبوبا من قبل الآخرين وتساعده على بناء شخصية اجتماعية قوية.
كثيرا ما نصادف في المواصلات العامة عجوزا تقف بينما مجموعة من الشبان الاقوياء يجلسون دون أن يلقوا لها بالا وآخر يمر من امام جار كبير في السن يحمل أغراض منزله فلا يساعده ولا يمد له يد العون وهو القوي و الهمة ولا يخفى عليك كم من رجل كبير يضرب طفلا او يوجه له كلاما نابيا دون رحمة أو شفقة. فاين ذهب الذوق والاحساس بالاخرين الذي أمرنا به الله تعالى ورسوله لنكون خير قدوة للناس.
وكم نرى من شبان يرتدون الملابس التي لا تليق بهم وفتيات خرجن بشبه حجاب مع ملابس ضيقة ولا تمت للحشمة بشيء فأين اختفى الذوق يعود السبب الى عدم ضبط معيار الذوق الخلقي والحسي منذ الصغر وبالتالي تدهور القيم والأخلاق.
أهل الذوق
امتلاك الاهل للذوق ينعكس بشكل واضح على ابنائهم وبالتالي ينعكس على صورة الإنسان المسلم الذي اختلت نظرة العالم له بعد أن شاعت بين الشباب التصرفات السلبية التي لا تمت للذوق بشيء. فارتبطت صورة المسلم أنه أشعث أغبر لا يهتم بملبسه ولا بطريقة تناول الطعام ولا بطريقة الكلام ولا يحترم الإنسان ولا يرحم حيوان ولا تضبطه قوانين وأنظمة .فيعبر الاشارة الحمراء دون أن يبالي. و يرمي القمامة في اي مكان ولا ينضبط في دور أمام دائرة حكومية او شركة عدا ذلك عدم وفائه بوعده والالتزام بالوقت. تلك الأمور كلها هي جوانب اساسية في قيمة الذوق التي بدأ عدد كبير يفتقدها رغم أن ديننا الحنيف وقدوتنا محمد صل الله عليه وسلم كان سيد الذوق والأخلاق فكيف ستقف أمامه يوم القيامة بعد أن هجرت تعاليمه وتوجيهاته للمسلمين.
سلامة الذوق وأثره في الأمة
سلامة الذوق تنعكس آثاره بشكل مباشر في الأمة في انتشاره يساهم في نهضة الأمة اخلاقيا وعمليا وعلميا.
فعلى مستوى الاخلاق فان لنا في قول رسول الله “إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” العبرة والمثل الأعلى وليكون قدوة لنا في أخلاقنا وتصرفاتنا فقد عرف عنه صل الله عليه وسلم تعليمه لأصحابه أن يحترموا الكبير ويرحموا الصغير. ولا يتكلموا إلا كلاما طيبا “الكلمة الطيبة صدقة” وقد جاء في القرآن الكريم النهي عن الغضب والعدوانية لنشر المحبة بين الناس “الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “. وجاء في الحديث الشريف عن رسول الله صل الله عليه وسلم قوله “ليس القوي بالصرعة إنما القوي الذي يملك نفسه عند الغضب” ليعم السلام والود والتفاهم بين الناس.
أما في الحرب فقد أمر رسول الله صل الله عليه وسلم جيوش المسلمين أن يحسنوا للشجر والحجر والبشر فلا يقعوا شجرة ولا يقتلوا طفلا او امرأة او كهلا او ناسكا من باب الرأفة والرحمة بالناس ومع التزام اصحابه ومن خلفه من بعده بهذه القوانين انتشر الاسلام بسبب احترامهم للناس وانعكاس ذلك بمحبة الناس للمسلمين ودخولهم الدين الاسلامي.
انتشار الذوق بين الناس يجعلهم أكثر احتراما لقوانين بلدهم وأمتهم وبالتالي رفعة شأنها وعلو بين الامم
انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم هم ذهبوا
أثر سلامة الذوق
من سلامة الذوق أن يقوم كل فرد بواجباته تجاه مجتمعه فلا يقصر في عمله ولا يتأخر عليه ولا يأخ الرشوة ولا يحل ما يطيب له ويحرم ما يريد فذلك ادعى الى أن يصبح المجتمع أكثر تقدما وتحضرا. واجتناب الغضب والعدوانية والحسد تساعد على انتشار المحبة بين الناس وبالتالي انخفاض معدل الجرائم . ومن الذوق أن تحسن لمن هم بحاجة فتخرج الصدقة وتمنحها للفقراء وتجنبهم المسألة وذل الحاجة ” ثلاث أقسم عليهن : ” ما نقص مال من صدقة ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، ومن تواضع لله رفعه الله “.
ومن الظهور التي تؤثر في الأمة نتيجة انخفاض قيمة الذوق لدى نسبة كبيرة من الشباب انتشار كتابة العبارات المسيئة على الجدران والرسوم التي تنعكس كتلوث بصري للمكان مما يظهر البلد بمظهر غير حضاري اضافة الى رمي القمامة في أي مكان دون التقيد بالحاويات ولا باوقات جمعها مما ينشر الامراض والآفات ويفسد المنظر الجميل للبلد .
رسولنا الكريم محمد صل الله عليه وسلم والذي يعد أول شخصية مؤثرة تاريخية مؤثرة حسب الكتب والأبحاث الغربية التي اعترفت بفضله هو سيد الذوق والاخلاق ولكننا أمة ابتعدت عن دينها ولم تتصف بصفات حبيبها وشفيها وتمسكت بصغائر الأمور وتركت ما هو أهم .