أهلًا بكم أيها الأصدقاء…
في الفترة الأخيرة مع بدايات تصاعد أزمة كوفيد-19 تأثر الجميع بهذه الجائحة بشكل أو بآخر، ولكن أبرز التأثيرات التي صرّحت بها منظمة الصحة العالمية وكذلك العديد من الباحثين والخبراء هي تأثر الصحة النفسية وارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر وذلك بسبب الإجراءات التي رافقت حدوث أزمة كوفيد-19، كالحجر ومنع الحركة والتباعد الاجتماعي، وعلى رأس هذه الفئات الأكثر عرضة بالتأثر من تبعات كوفيد-19 النفسية هم الأطفال، وذلك لأن أكثر فئة تأثرت بالإجراءات هم الأطفال، فغياب الروتين المدرسي، والملاعب والحدائق وأماكن الترفيه، والتواصل مع العائلة والأصدقاء، أثّرت بشكل كبير على حياة الأطفال، فيميل الأطفال في الغالب إلى التعبير عن شعورهم بالقلق والضيق بطرق مختلفة قد لا يستوعبها الآباء والأمهات، بدأ الكثير من المربين بالتصريح بأن شخصيات أطفالهم أصبحت تميل للعنف، والكثير من الأطفال بدأ بالصراخ الغير مبرر والبكاء، كما أن الكثير منهم أصبح يقضي أوقاتًا طويلة أمام الشاشات، كل هذا يعد جرس إنذار يدفعنا إلى أن نفكر في وسائل تساعد أطفالنا على تعزيز صحتهم النفسية، واستخدام الطرق التي بإمكانها أن تخفف وطأة هذا القلق.
يعد التأمل وممارسة تمارين الاسترخاء والحضور الذهني أحد أهم الطرق التي تساهم في تقليل القلق والتوتر لدى البشر بشكل عام، كما أنها تساعد على التوجه للداخل والتواصل بشكل أوضح وأعمق مع الذات، وإدراك وفهم المشاعر والتعامل معها، إن ممارسة التأمل للأطفال تساعدهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكاهم وتعمق تواصلهم مع أجسادهم وقدرتهم على التعبير عوضًا عن استخدام الصراخ والعنف، كما أن ممارسة هذه التمارين تعزز ثقتهم بأنفسهم وترفع مستوى تقدير الذات لدى الإنسان.
تعليم الأطفال ممارسة التأمل ليس أمرًا صعبًا ولكن يتطلب وعي كبير من المربين لإدراك أهميته، ويتطلب استمرارية حقيقية لتحقيق نتائج فعالة، وفي مقال تم نشره في موقع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عن أهمية استراحة التأمل للأطفال ضمن تجارب قاموا بتنفيذها، “إن التأمل والحضور الذهني له العديد من الفوائد الجسدية والعقلية والروحية، ويساهم في الوقاية من الأمراض بل وعلاجها؛ حيث أظهرت الدراسات التي أجريت على بعض البيئات الدراسية تحسنًا ملحوظًا في مستوى التحصيل الدراسي والانتباه والتركيز لدى الطلاب، وأظهرت بعض الأبحاث نتائج إيجابية لممارسة التأمل والحضور الذهني فوائد عديدة لاضطراب الحركة ونقص الانتباه (ADHD) والقلق والاكتئاب، وساهم في تحسين حالات اضطرابات الأكل والنوم والمزاج ومشاكل السلوك، وعلاوة على ذلك فإن النتائج أثبتت أيضًا أثره الإيجابي على الجانب الجسدي وذلك لقدرته على تخفيف اضطرابات الجهاز الهضمي والصداع والسمنة وارتفاع ضغط الدم والآلام الجسدية ويعزز المناعة ضد الأمراض” بتصرف من https://www.healthychildren.org/English/healthy-living/emotional-wellness/Pages/Just-Breathe-The-Importance-of-Meditation-Breaks-for-Kids.aspx
يمكن للمربين أن يدفعوا أطفالهم ويشاركوهم في ممارسة التأمل، حيث أن الطفل ما قبل المدرسة يمكنه أن يقوم بممارسته لمدة دقائق، أما الأطفال في المدرسة وما قبل المراهقة بإمكانهم أن يمارسوا التأمل لمدة تتراوح من 3 إلى 10 دقائق مرتين في اليوم، أما اليافعين فبإمكانهم ممارسة التأمل لمدة 45 دقيقة يوميًا، ولا يعد هذا معيار ثابت، فكلما تدرّب الطفل على ممارسة التأمل والحضور الذهني سيستطيع أن يستمر مدة أطول، ولكن الأهم من ذلك كله هو التطبيق بشكل صحيح.
زهرة أحمد الجامعية