“كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس” لقد كان جيل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم خير جيلٍ مر على البشرية بأكملها،كان لهم من الحظ أكثره وأعظمه لمرافقة سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، وقد كان للنساء نصيب في هذا الشرف من صحبة النبي والنهل من بعض ما عنده، صحابيات بذلن الغالي والنفيس في سبيل نصرة الدين الإسلامي ومنهن من قدمن أولادهن فلذة أكبادهن لنصرة الله ورسوله، لقد كن كزهراتٍ نبتن في حقل الإسلام وسقين الإيمان وحب الله فتغذوا عليه ونموا ونشروا جمالهن وعطرهن وعلمهن ليملأ ما حولهن برائحة الإيمان والتوحيد.
“الصحابيات”
الصحابية أسماء بنت أبي بكر: (ذات النطاقين)
هي بنت الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأخت السيدة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت زوجة الصحابي الجليل الزبير بن العوام.
كانت رضي الله عنها من السباقات للدخول في الإسلام فقد اسلمت في عمر السابعة عشرة من عمرها.
مواقفها في الإسلام:
يشهد لها الإسلام بأعظم موقف قد تقوم به فتاة لنصرة دينها و رسولها عندما خرج سيدنا أبو بكر برفقة النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً مهاجراً من مكة إلى المدينة فكتمت أمره عن قريش، وحين أتى المساء أرادت أن تحمل لهما الطعام إلى مخبئهم في غار ثور فقامت بشق ثوبها وربطت به الطعام وارتدت فوقه الشق الآخر حتى لا يراها الكفار من قريش، وعندما وصلت للنبي قال لها: “أَبَدَلَكِ اللَّهُ بِنِطَاقِكِ هَذَا نِطَاقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ“ لذلك سميت بذات النطاقين.
نسيبة بنت كعب المازنية: (أم عمارة)
هي صحابية من المدينة كانت من القلائل الذين بايعوا الرسول عليه الصلاة والسلام في بيعة العقبة الثانية، كان لها دور في نشر الدين الإسلامي بين الناس، كانت تتميز شخصيتها بالصبر والشجاعة والإخلاص في الدين وعقلها الراجح وحسن تصرفها في المواقف العصيبة.
مواقفها في الإسلام
شاركت أم عمارة في غزوة أحد فقد كانت تداوي الجرحى وتطببهم وتقدم لهم السقاية وحين انقلبت دفة المعركة على المسلمين نتيجة مخالفتهم لأوامر الرسول وقفت مع زوجها وابنها تقاتل دفاعاً عن الرسول ونالت من الجراح الكثير من ضربات رماح وطعنات بالسيوف.
وقد شاركت بعدها في غزوة خيبر وبني قريظة، وقد بايعت الرسول أيضاً في بيعة الرضوان و شهدت صلح الحديبية.
كان لها موقف كبير عندما خرج المسلمون لقتال قبيلة هوازن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فوجئوا بكمين قد نصب لهم وتراجع معظم المسلمين بينما وقفت أم عمارة مع القلائل الذين ثبتوا مع رسول الله صل الله عليه وسلم وأخذت تصيح فيهم :”أيَّة عادة هذه؟! مالكم وللفِرار؟” وهي تحمل بيدها سيفاً وتقاتل مع من بقي مع الرسول.
وكان لها دور في حروب الردة التي قامت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد شاركت مع جيش كان بقيادة خالد بن الوليد في معركة اليمامة وأصيبت فيها بجروح بليغة جداً وقد قطعت يدها في تلك المعركة رضي الله عنها وارضاها.
سمية بنت الخياط: (أم عمار بن ياسر)
هي والدة الصحابي عمار بن ياسر من أشهر الصحابيات الجليلات، وكانت هي وزوجها وابنها من السابقين إلى الإسلام.
لقيت من العذاب ما لا يطيقه ولا يتحمله بشر، فقد كان يعذبها أبا جهل هي وعائلتها ولكنهم كانوا صابرين ولم ينصاعوا لأوامر كفار قريش ولم يرتدوا عن الدين الإسلامي. حيث كانوا يصلبون في الشمس الحارقة مع الضرب بالحديد والتعذيب الوحشي ولكن كل ذلك لم يثني من عزيمتهم شيئاً بل زادهم إيماناً وثباتاً وعندما كان يمر عليهم الرسول عليه الصلاة والسلام يقول لهم: “صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ”
استشهدت سمية بعد أن طعنها أبو جهل فأرداها قتيلة فقد كانت بذلك أول شهيدة في الإسلام.
الخنساء
كانت شاعرة مخضرمة ممن أدركوا الجاهلية والإسلام تتمتع بشخصية قوية، أسلمت في العام الثامن للهجرة مع قبيلتها.
كانت الخنساء تلقي الأشعار بطلاقة وبلاغة وقد نال شعرها من استحسان الرسول عليه الصلاة والسلام. كان طابع الرثاء يغلب على شعرها نتيجة مقتل أخويها.
عندما قامت معركة القادسية اشترك بها أبناءها الأربعة وكانت قد حثتهم على الثبات في المعركة حتى آخر رمق وعدم التهاون في وجه الأعداء وفي نهاية المعركة وصلها خبر استشهادهم جميعاً في أرض المعركة فثبت الله قلبها وقالت: “الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقرِّ الرحمة“
كانت الخنساء مثالاً قوياً وعظيماً يحتذى به في الصبر بعد فقد أخويها وأولادها الأربعة ولكن كان إيمانها وحبها لله ورسوله ونصرة دينه أقوى وأكبر.
الشفاء بنت عبد الله
كانت رضي الله عنها من السابقين إلى الإيمان والهجرة فقد بايعت النبي عليه الصلاة والسلام مع مجموعة من النساء.
كانت من القلائل اللواتي كن يعرفن القراءة والكتابة فكرست نفسها وعلمها في خدمة الإسلام حيث كانت تذهب إلى بيوت المسلمين وتعلم فتياتهم القراءة والكتابة فكانت بذلك أول معلمة في الإسلام بالإضافة إلى إلمامها ببعض أمور الطب.
وقد كانت تخرج في الغزوات وتجاهد بعلمها ومعارفها الطبية لتساعد الجرحى وتطبب لهم آلامهم.
وقد أمرها الرسول عليه الصلاة والسلام بتعليم القراءة والكتابة وبعض مهارات الطب والرقية لزوجته السيدة حفصة وكانت قد حفظت عدة أحاديث عن الرسول نتيجة قربها منه ومن زوجته.
كن نجمات أضأن لنا طريق الهداية لنقتفي أثرهن ونحذو حذوهن في الصبر والبسالة والشجاعة، فقد كن بحق مشاعل نور وقدوات عظيمة، بلغوا الرسالة الموكلة إليهم وأدوا الأمانات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “النجوم أمان لأهل السماء وأصحابي الأمان لأمتي”