كل إنسان خلق في هذه الحياة ألقى الله تعالى إليه مسؤولية يحملها على عاتقه ويحاسب عليها يوم القيامة أمام الله عزوجل إن أحسن أدائها على أتم وجه بما يرضي رب العالمين فسينال اجراَ عظيماً والجزاء الكريم وإن أخل بها ولم ينجزها فسيحاسب حساباً عسيراً ويلقى عذاباً مهيناً.
وقد جعل الله مسؤولية كل شخص ضمن استطاعته وقدرة تحمله، قال تعالى: “لا يُكلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها”
حتى لا تصعب على الإنسان أداء المهمات الموكلة إليه ويقوم بأدائها على أكمل وجه.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”
هذا الحديث الشرف بيان صريح وواضح بالمسؤولية المفروضة على كل مسلم والقيام بواجبات من يرعاهم ومساندتهم للسير في طريق الهدى والرشاد والابتعاد عم طريق الغي والضلال.
مسؤولية الحاكم تجاه رعيته:
كل أمير تختلف مسؤوليته تجاه رعيته على حسب المنطقة المسؤول عنها فمن كان حاكم على منطقة صغيرة كانت مسؤوليته أقل ممن كان مسؤول عن منطقة كبيرة تضم رعايا أكثر فهو مسؤول عن الحكم بينهم بالعدل وضمن شريعة الله وسنة نبيه الكريم والقضاء على الفساد والضرب بيد من حديد على من يتعدى حدود الله وحقوق غيره من البشر وهو محاسب أمام الله في الآخرة إن أقام العدل أو فرط في حقوق أحد على حساب الآخرين وكم سعنا عن صحابة قد اعتذروا عن الولاية والامارة خوفا من ان يقصروا غي حقوق الرعية فيحاسبوا حسابا عسيرا يوم القيامة، بالإضافة إلى السعي للنهوض بالمجتمع وإقامة مشاريع تعود على رعيته بالخير والبركات.
مسؤولية الرجل تجاه رعيته وأسرته:
إن الرجل في عائلته مسؤول عن كل شخص فيها كبير وصغير ومسؤول عن تأمين كافة مستلزماتها من المسكن مناسب والأكل والشراب وتكون الخطوة الأولى والأهم في مسؤولياته هي السعي لاختيار أم صالحة تقية تخاف ربها وتربيتهم على شريعة الله وإنباتهم نباتاً حسناً وتقويم ما أعوج من سلوكياتهم ونهيهم عن الغلط والمنكر و أمرهم بطاعة الله واتباع سنة نبيه ويقع عليه مسؤولية أكبر ان يكون قدوة حسنة لهم بالإضافة إلى الحرص على تعليمهم العلوم الدنيوية التي تساعدهم في بناء مستقبلهم وحياتهم العملية والمالية ففي بناء الأسرة الجيدة بناء مجتمع قوي.
مسؤولية المرأة تجاه زوجها وأولادها:
تقع على المرأة مسؤولية كبيرة في بناء أسرتها والسعي للمحافظة على بقاء العائلة ضمن جو يلفه الحب والأمان والسكينة حيث أنها تقضي وقتاً أكبر من الزوج في المنزل، فهي مسؤولة في الدرجة الأولى على الحفاظ على منزلها ونفسها في غياب زوجها وإدارة شؤون عائلتها وتدبر أموره.
لقد أوكل إليها الإسلام بعض المهمات من تربية أولادها على الشريعة الإسلامية وتأمين القوت اليومي لهم والسكينة والابتعاد عن المشاكل والمشاحنات بينها وبين زوجها أمام الأولاد حتى يكونوا قدوة صالحة لهم ويشعروا بالامان والسلامم ضمن المنزل، وتأمين مستلزمات أولادها ومنزلها بتدبير ودون إسراف أو تبذيرغهي نستأمنه على مال زوجها ، وإعانتهم على أمور حياتهم الدنيوية والدينية والعدل بين أولادها وعدم التفريق بينهم حتى لا تزرع الحقد والضغينة بينهم.تأتي مسؤولية الزوجة ايضا في احترام راي زوجها فلا تسمح لشخص ان يدخل المنزل دون علمه ورضاه ولا تكشف له سر امام احد كائنا من كلن وهذه هي مشكلة معظم بيوتنا في الوقت الحالي.
مسؤولية الخادم تجاه سيده:
إن الخادم مسؤول عن ممتلكات سيده وأمواله والحفاظ عليها من السرقة أو اعتداء أي أحد عليها وأن يتم عمله على أتم وجه بما يرضى الله وعدم التقصير أو التكاسل في أداء اعماله وواجباته لأنه محاسب يوم القيامة أمام الله عزوجل عن الأمانة الموكلة إليه إن صانها فقد فاز وإن خانها فقد خاب وخسر.
وكما يقع على الخادم مسؤولية تجاه سيده فالسيد أيضا يقع عليه مسؤوليات تجاه خادمه كالرحمة والرأفة به وعدم تحميله فوق استطاعته والسماح عنه إن أخطأ ومساندته في بعض أزماته المالية إن احتاج وعدم التعامل معه بظلمٍ أو طبقية وأن يعطيه أجره في الوقت المحدد وعدم التأخر عليه كي لا يسبب له أزمة أو ضائقة مادية نتيجة التزاماته الأخرى.
لو قام كل شخص بأداء المهمات الموكلة إليه على أكمل وجه وضمن حدود الله لنشأ مجتمع متماسك ذو أساسات قوية يسكنه شعب تربط بينه جسور محبة وروابط تعاونية متكافئة خالية من الضغينة والأحقاد التي تنشأ نتيجة تفاوت الطبقات فيما بينهم.
إن الإحساس بقيمة المسؤولية الملقاة إلينا تجعلنا نسعى إلى إنجاز أعمالنا بإخلاص وتفاني والسعادة في أداء أماتنا تجاه من علينا تحمل رعايتهم ومسؤوليتهم بما يرضي الله.
من هذا الحديث الشريف يجب علينا أن نستعظم مراقبة الله لنا في الإخلاص في أداء أعمالنا فالإنسان بمقدوره اللعب والتخفي من إنسان غيره إنما لا أحد يستطيع الكذب على رب العالمين.
لو التزمنا بمسؤولياتنا لقضينا على العادات السيئة المنتشرة في أغلب مجتمعاتنا.
كلكم راعٍ وكلٌ مسؤول عن رعيته
إن نبينا جاء برسالة عظيمة لدين عظيم ساوي بين جميع العباد في المسؤوليات والامانات وعدم التفريق بين غني وفقير أو رجل وأنثى بين حاكم أو محكوم فكلنا سواسية أمام رب العالمين كأسنان المشط لا فرق بيننا إلا بالتقوى وصلاح أنفسنا وقلوبنا وسنحاسب عن مسؤولياتنا جميعها كبيرها وصغيرها.