بدايةً فإن الفرح، الحزن، الغضب ،الخوف، و الأمان مشاعر مختلفة نمر بها يومياً وتختلف ردود أفعالنا وطريقة تعبيرنا عن هذه المشاعر التي تتحرك في أعماقنا ويسعى عقلنا للتحكم بها وإظهارها بالطريقة الصحيحة مما يجعل الاختلاف واضحا في طريقة كل انسان للتعبير عن خلجات نفسه وما يمر به وردود أفعاله تجاه العالم المحيط به” وهذا ما يطلق عليه الذكاء العاطفي”
من خلال مقدمتنا يظهر لنا مفهوم الذكاء العاطفي الذي يعد أحد أنواع الذكاء التي يمتلكها الإنسان وتؤثر في حياته الاجتماعية والعملية بشكل واضح وكبير. خصوصاً أن طريقة التعبير تختلف من شخص لآخر حسب العمر والنضج النفسي الذي يمتلكه الإنسان والمجتمع المحيط.
تعريف الذكاء العاطفي :
الذكاء العاطفي :هو قدرة الإنسان على معرفة وتحديد مشاعره وعواطفه ومشاعر المحيطين به وإدارة هذه العواطف والتحكم بها بطريقة صحيحة كما أنه الدافع ليجعل تفكير الانسان ايجابي تجاه ما يصادفه من متاعب او مشاكل في الحياة وهذا ما دعا ديننا الإسلامي اليه ” أنا عند حسن ظن عبدي بي ” .
ومن خلال ما ورد في الحديث الشريف “عجباً لأمر المؤمن كله خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له“، فإن الذكاء العاطفي يمكن الإنسان من معرفة ما يدور بداخله من مشاعر غضب أو حزن أو فرح وسعادة.
وتعرف هذه المهارة بالوعي العاطفي لدى الانسان.أما قدرة الانسان على إسقاط هذه المشاعر والتفكير بها فتدعى بمهارة التوظيف ,و أيضاً القدرة على تنظيم مشاعرك ومشاعر الآخرين فتدعى إدارة العواطف . هذه العناصر الثلاث مجتمعة تعد المحور الرئيسي للذكاء العاطفي.
ومع ذلك إن تعرض الإنسان لموقف مزعج يبعث في نفسه مشاعر من الغضب تدفعه نحو التفكير للتعبير عن هذه المشاعر وحل للموقف الذي يتعرض له .
لذلك تختلف ردود الأفعال من شخص لآخر فالبعض يعبر عن غضبه بالصراخ والضرب بينما يعمل البعض على الابتعاد عن مكان المشكلة بانتظار أن تهدأ الأمور أما الشخص الذي يمتلك ذكاء عاطفي عالي تحديداً يسعى لأن يوجد حل للمشكلة خصوصاً حتى لا يضطر إلى الدخول في مشاكل جديدة كما قال تعالى ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))
ما الذي يميز الذكي عاطفياً؟
بالتأكيد أن الإنسان الذكي عاطفياً قادر على فهم ومعرفة نفسه بشكل جيد علاوة على ذلك تجده يثق بنفسه فهو يدرك جيدا نقاط قوته ونقاط الضعف الخاصة به، ويفهم مشاعره بشكل جيد، بينما يستطيع السيطرة عليها والتحكم بها من خلال معرفته وإدراكه لمشاعر الاخرين.
من ناحية أخرى يدرك أن الحزن الذي يشعر به غيره مثلاً عند التعرض لموقف معين، فلا يسخر من حزنه أو يقلل منهبل يكون عوناً له على تجاوز هذه المشاعر كما يستطيع أن يشعر باستياء الآخرين من بعض التصرفات ويحاول ألا يستفزهم بها.
و بالتحديد يبتعد عنها فلا يكون مصدراً لإزعاج الآخرين بل يكون مصدراً للراحة والسعادة ومنبعاً يشع بالطاقة الايجابية والحيوية فالحياة لا تتوقف على شخص بعينه بل تتعدى إلى المجموعة وتفاعلاتهم وقدرتهم على التواصل لما فيه خير ونجاح هذه المجموعة وتظهر أهمية الذكاء العاطفي، حيثما يطبقها الأشخاص في حياتهم العادية.
محاور الذكاء العاطفي
- الوعي الذاتي: قدرتك على تحديد مشاعرك عند الإحساس بها مباشرة والوعي الذاتي كما وأن له عدة عوامل : – تحديد مشاعرك الشخصية ومدى تأثيرها.
– ثقتك بمشاعرك وقيمتك الذاتي وقدراتك .
- التنظيم الذاتي: تحكمك بمشاعرك والقدرة على السيطرة عليها وتحويلها إلى مشاعر إيجابية.
- القدرة على تحكمك بدوافعك الشخصية.
- الصدق والنزاهة معايير ثابتة.
- تحملك نتائج افعالك وردود افعالك الشخصية.
- تقبلك الأفكار الجديدة والانفتاح عليها.
- المرونة وتقبل التغيير.
- الدافع : بالتأكيد أن وجود دافع واضح تنظر له من منظور إيجابي يمكن الشخص الذكي عاطفيا أن يحول المنظور السلبي لمنظور إيجابي.
- العطف : قدرتك على ما يشعر به الآخرين مثل : توقع مشاعر الآخرين وتلبية حاجاتهم والمساعدة على تطويرهم وفهم حاجات الآخرين التي يخفونها, وقد وصانا حبيبنا ونبينا محمد ” ليس منا من لم يحترم كبيرنا ويعطف على صغيرنا “
- أيضاً، المهارات الاجتماعية: امتلاكك للذكاء العاطفي يجعلك قادراً على امتلاك المهارات الاجتماعية من خلال الاستماع والتعاطف وتحديداً تفهم الآخرين والتواصل معهم عبر استخدام .
- تقنية الاقناع الفعال
- القدرة على توجيه رسائل واضحة
- القدرة على قيادة وتوجيه المحيطين من حولك خلال تعاملك معهم قال تعالى ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”
- القدرة على بناء علاقات قوية خصوصاً مع الأشخاص المحيطين بك
- العمل الجماعي وتحقيق الأهداف المشتركة
في النهاية قد جاء في كتاب 100 أعظم شخصية في التاريخ من خلال الكاتب أن سيدنا محمد صل الله عليه وسلم هو الشخصية رقم واحد المؤثرة في التاريخ؛ نتيجة ما يمتلكه من مهارات قيادية واجتماعية والذكاء العاطفي العالي جداً وتمتعه بالاخلاق العالية.
نتيجة لذلك جعل الناس يلتفون من حوله ويحبونه أكثر من أنفسهم بالرغم من أنه قد جاء برسالة جديدة.وقد زكاه الله تعالى بقوله (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) كما جاء في وصف امة الاسلام والمسلمين ((كنتم خَيْر أمَة أخرِجتْ لِلنَاسِ تَأمرونَ بِالْمَعْروفِ وَتَنهَونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتؤمِنونَ باللَه.. ))