“يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا” من أولى العبادات التي أمر الله تعالى عبده ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام قيام الليل لما لها من فضل كبير بين باقي العبادات فهي عادة السلف الصالح والأنبياء والمرسلين، وهي من العبادات العظيمة التي لا يقوى عليها إلا أصحاب الهمم العالية طلباً لرضى الله تعالى ونيل الجنات العلا ولجوء لقوته وحوله دوناً عن كل البشر ليرشدنا طريق الصواب ويدلنا الى طريق الخير والصلاح، وقيام الليل، طريقك للجنة
أوقات قيام الليل
وردنا عن النبي صل الله عليه وسلم قوله: ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة الى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: “من يدعوني فاستجب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”. يتجلى الله تعالى لعباده الذين تركوا مضاجعهم ليستجيبوا لقوله ويتقربون له بالصلاة والدعاء تضرعا وخشية وطلباً لرحمته ومغفرته في الثلث الأخير من الليل ليجيب دعاؤهم وحاجتهم تحفهم الملائكة وتدعو لهم بالمغفرة، ويبدأ الثلث الاخير من الليل بين الواحدة والرابعة صباحا فلا يرد دعاء.
آثار قيام الليل
مع دنو الليل من ثلثه الأخير ينهض أصحاب الهمم ليبدأوا صلاتهم وتهجدهم وابتهالهم لله طلباً لرضاه ومغفرته، تنفرج أسارير صدره ويبدأ الشعور بالرضا والسعادة ينساب إلى قلبه وروحه التي تشعر بالسكينة والسلام وهي تناجي ربها في ظلمات الليل وتزول من نفس المؤمن مشاعر الحزن والضيق والهم التي تثقل صدره ومع كل سجدة يشعر بهذه الأحمال تتساقط عن كاهله ويزداد شعوره بالأمن والراحة مع كل ركعة يؤديها.
ومع هذا الشعور بالطمأنينة والراحة تنتشر الطاقة الإيجابية في جسم الإنسان مما يعيد له نشاطه وحيويته وجميعنا يعلم أن الراحة النفسية هي أساس ومنبع الطاقة الجسدية.
قال تعالى: “ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا”
تعود الإنسان على قيام الليل يبعد الكسل والعجز عنه ويمده بالطاقة والنشاط فهو يستيقظ في أصعب الأوقات ليؤدي صلاته التي ويكون له صدقة عن كل مفصل في جسمه وتعود عليه بالقوة والصحة.
آثار قيام الليل في الدنيا والآخرة
تذكر أن قيام الليل، طريقك للجنة وهو سعي الإنسان لمستقبله الدنيوي و ألا ينسى نصيبه من الآخرة.
- يعتبر قيام الليل طريق المؤمن لبلوغ الدرجات العليا من الجنة لذلك يعتبر قيام الليل، طريقك للجنة ، ورفقة الحبيب المصطفى والأجر العظيم وقيام الليل مغفرة للمعاصي والآثام. بها تقبل التوبة وتمسح الذنوب وعتق الرقاب
- قيام الليل يهذب النفس ويزكيها فهو يبعد الإنسان عن ارتكاب الفواحش والمعاصي.
- يورث قيام الليل صاحبه لذة القلب وصفاء العقل فتجده هادئ النفس مطمئن القلب يشعر بالسعادة والأمان وراحة البال. وقد أوصى رسول الله ابنته فاطمة وزوجها علي بن أبي طالب بقيام الليل لما فيه من فوائد عظيمة تساعدهم على مصاعب الحياة.
- قيام الليل يبعث على النشاط واكتساب طاقة إيجابية تساعده على تجاوز المشاكل. فدعاء الإنسان لربه في غسق الليل ويقينه بأن الله معه فإنه يرشده للخير ويعينه على إصلاح حياته وتجاوز مشكلاته يجعله يشعر بالرضى ويبتعد عن الخوف والحزن.
- لذلك يجب تعويد النفس على الصبر بالقيام وسط الليل في جميع الأحوال البرد والحر والتعب تقوم الليل وتتقرب من الله يعود النفس البشرية على تحمل المشقات والصبر على التعب مما يجعلك صاحب إرادة وقوة. لينال رضا الله ورسوله ويشعر بالرضا فينير وجهه ويضيء بالإيمان والقناعة والرضى.
- مع ذلك قيام الليل يزيد مناعة الجسم فهو يذهب التوتر والقلق والاكتئاب الذي يمنع الجسم من الراحة ويضعفه. وقيام المسلم في الثلث الأخير من الليل يساعد على تجنب العديد من التغيرات التي تصيب القلب والدورة الدموية. حيث أثبتت الدراسات أنه في هذا الوقت ينعدم انتظام ضربات القلب ويزداد الضغط وقيام الإنسان للصلاة يساعد على استعادة ضبط ضربات القلب وانخفاض الضغط ليستعيد الجسم قوته ويعود إلى نشاطه وقوته.
دعاء قيام الليل
في الختام، خير الدعاء ما علمنا إياه نبينا محمد صل الله عليه وسلم وقد علمنا دعاء قيام الليل لننال من خيره وبركته فقد ورد عن حبيبنا المصطفى صل الله عليه وسلم:” كان النبي صل الله عليه وسلم إذا قام الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحمد نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق وقولك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق، اللهم أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك”