بدايةً فإن التوبة والاستغفار أمر واجب على كل مؤمن ومؤمنة من كل ذنب، والتائبين يحبهم الله، فالتوبة هي إحدى أسباب الفلاح والنجاح في الحياة الدنيا، ومن رحمة الله علينا بأن ترك لنا باب التوبة مفتوحا وجعل لنا طريقا لنعود به إلى الطريق المستقيم مهما ارتكبت النفس من المعاصي ومهما عظمت الذنوب
قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
معنى التوبة:
والتوبة تعني الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وطاعته بعد معصيته والندم على فعل المعصية والعزم مع ذلك عدم ارتكاب المعاصي والذنوب و الله يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين وَيُحِبُّ المتطهرين)
التوبة النصوحة أمر واجب على جميع المؤمنين خاصةً أن الله يغفر بها الذنوب مهما كانت كثيرة، قال تعالى:” يأيها الذين ءَامَنُواْ توبوا إِلَى الله توبةٗ نَصُوحًا عَسَىٰ ربكم أَن يُكَفِّرَ عنكم سيئاتكم ويدخلكم جَنَّٰتٖ تجري مِن تحتها الأنهار “
شروط قبول التوبة والاستغفار:
الإخلاص إلى الله تعالى
أن تكون النية خالصة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له ورغبة لنيل رنتيجة حسنة وهي رضا الله عز وجل والتقرب منه، قال تعالى: “إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا”
الإقلاع عن الذنب وترك المعاصي
وهذا بأن يبتعد المؤمن عن الذنب الذي اقترفه ويترك كل فعل أو أمر نها الله عنه.
الندم على ارتكاب المعاصي والذنوب
حث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام المسلمين على التوبة والاستغفار والندم بعد ارتكابهم الذنوب أو المعاصي، وأخبرنا أيضا بأن باب التوبة مفتوح دائما رحمة من الله عز وجل، وإن ندم العبد على معصية ارتكبها هو دليل واضح على طهارة قلبه ونيته الصادقة
العزم على عدم ارتكاب الذنب مرة ثانية
العزم هو عمل القلب وعلى المؤمن أن يعزم بكل صدق ويصر على توبته وعلى عدم العودة إليه مرة أخرى، وذلك بالإكثار من الطاعات والابتعاد عن المعاصي وفعل منكرات، فمن ندم على ارتكاب الذنوب ولكن استمر على ارتكابه لهذه الذنوب فهذا يخالف شروط التوبة ولن يقبلها الله سبحانه
رد الحقوق إلى أصحابها
يجب إعادة الحقوق إلى أصحابها في حال كان الذنب مرتبطاً بحق من حقوق العباد، وتكون التوبة من ذنب فيه مظلمة لأحد بإعادة الحق لصاحبه والتحلل منه.
قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)
إدراك الوقت المخصوص للتوبة
مع ذلك يجب أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من المغرب، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “إن الله عز وجل يبسط بده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها”
أن تكون التوبة قبل لحظات الموت
قال سبحانه وتعالى “وليست لتوبة لِلَّذِينَ يعملون السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنِّي تبت الآن وَلَا الذين يَمُوتُونَ وَ هم كفار أولئك أعتدنا لهم عَذَابًا أليما”
أشكال التوبة الصادقة
- التوبة الصحيحة: أن يتوب العبد عن الذنب الذي اقترف على مع ذلك تكون توبة صادقة نصوحة
- التوبة الأصح: وهي أن كره العبد لارتكاب المعاصي والذنوب
- التوبة الفاسدة: وتكون هذه التوبة باللسان فقط مع ذلك بقاء لذة المعصية
فضل التوبة والاستغفار في القرآن الكريم
- إن الله يحب التوابين ويفرح لتوبتهم مهما عظمت الذنوب وكثرت قال سبحانه تعالى: (وَمَن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثُم يستغفر الله يَجِدِ الله غفورا رحيما”
- قال سبحانه وتعالى: “قل يَٰا عِبَادِيَ الذين أسرفوا على أنفسهم لَا تقنطوا مِن رحمة الله إِنَّ الله يغفر الذنوب جميعا إنه هُوَ الغفور الرحيم”
- قال سبحانه وتعالى:” فتلقى آدَمُ مِن ربه كَلِماتٖ فَتَابَ عليه إنه هُوَ التواب الرحيم”
- قال سبحانه وتعالى: “قَالَا رَبَنَا ظلمنا أَنفُسَنَا وَإِن لم تغفر لَنَا وترحمنا لَنَكُونَنَ مِنَ الخاسرين”
- قال وتعالى:”رَّبِّ اغفر لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات وَلَا تَزِدِ الظالمين إِلا تبارا “
- (َربَّنَا لَا تُؤاخِذنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخطَأنَا رَبَّنَا وَلَا تحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
في النهاية يا إخوتي إخوتي أنصحكم، سارعوا إلى التوبة النصوحة ولا تقنطوا ولا تيأسوا من رحمة الله إن الله يعفو عن السيئات ويغفر الذنوب جميعا ولو بلغت عنان السماء إن ربنا ومولانا هو الغفور الرحيم، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا ويعفو عن سيئاتنا ويهدينا صراطه المستقيم.