سلامة الصدر ونقاء القلب نعم من نعم الله التي يهبها من عباده من يشاء، فسلامة الصدر راحة وسكينة في الدنيا وفوز وغنيمة كبيرة في الآخرة. وهي من أهم الأسباب التي تدخل العبد إلى جنة النعيم.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كنا جلوسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذك. فطلع الرجل مثل المرة الأولى.
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال:
“إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال: نعم قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئًا غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله -عز وجل- وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت:
يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات يطلع عليك الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أراك تعمل كثير عمل. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًا ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق“
[رواه الإمام أحمد].
معنى سلامة الصدر
وتعني سلامة القلب والصدر من الغل والحسد والبغضاء. فالقلوب السليمة هي القلوب التي امتلأت بحب الله وتواه وطاعته، قلوب مغمورة بالإيمان والتقوى سليمة من أي غل أو حقد تجاه أحد من المسلمين. إن صاحب الصدر السليم هو إنسان مؤمن يتحلى بأخلاق حميدة يعيش بأمان وراحة واطمئنان والناس منه في سلامة
وأما صاحب القلب الخبيث الأسود والخلق الذميم يعيش في هم وغم وعناء والناس منه في بلاء. المسلم الحقيقي هو يجب أن يكون سليم القلب والصدر لا يحمل ضغينة أو غل على أحد، بل يحب الخير للجميع.
صفات أهل الجنة:
يا لهناء من سلم صدره وصفا قلبه فهو بإذن الله من أهل الجنة. قل تعالى:” ونزعنا مَا فِي صُدُورِهِم من غِلٍّ إخوانا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ “
صفات الأنبياء والمرسلين
الأنبياء والمرسلين هم أطهر الناس قلوبا على وجه الأرض. فعلى الرغم من كل الأذى الذي كانوا قد تعرضوا له في سبيل تبليغ دعوتهم للناس إلا أنهم أحبو الخير لأقوامهم وأممهم. قال تعالى: “ألم نشرح لَكَ صدرك*ووضعنا عَنكَ وزرك * الذي أَنقَضَ ظهرك * ورفعنا لَكَ ذكرك *”
أهمية سلامة الصدر في الإسلام
المسلمون هم ذوي القلوب الصافية المطمئنة والصدور السليمة فقد حث الإسلام على أن نكون أمة واحدة تحمل قلب واحد. متعاونين فيما بيننا على البر والتقوى، ليعيش كل شخص منا حياة مريحة وهانئة.
قال تعالى: “إنما المؤمنون إخوةٞ فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”
أسباب سلامة الصدر
سامة الصدر من الأخلاق الجميلة والخصال الحميدة التي يجب أن يتحلى بها كل مؤمن ومؤمنة. فمن أراد أن يكون سليم الصدر مطمئن القلب فليأخذ بأسباب سلامة الصدر التي سنذكر بعضها لكم:
التعلق بالله وحده لا شريك له
إن الأمر كله بيد الله، مدبر الأمور وهادي القلوب وشارح الصدور. قال تعالى: “فَمَن يُرِدِ الله أَن يهديه يشرح صدره للإسلام وَمَن يرد أَن يضله يجعل صدره ضَيِّقًا حرجا كَأَنَّمَا يَصَعَدُ فِي السماء كَذَٰلِكَ يجعل الله الرجس عَلَى الذين لَا يؤمنون “
الدعاء والتضرع إلى الله
أكثروا من الدعاء والتضرع إلى الله ليجعل قلوبكم سليمة من الغل والأحقاد يملؤها الحب والإيمان. قال تعالى: “والذين جاءوا من بعدهم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا ولإخواننا الذين سَبَقُونَا بالإيمان وَلَا تجعل فِي قُلُوبِنَا غلاً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ربنا إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ”
الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين
قال تعالى:” وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى*الذي يؤتي ماله يَتَزَكَّىٰ * “
فوائد سلامة الصدر على الإنسان
- الفوز بجنات النعيم والنجاة من نار جهنم.
- صاحب القلب النقي والصدر السليم هو من أخير الناس وأفضلهم.
- تبعث على محبة الناس وتحيي حب الخير في القلوب.
- تبعد عن الذنوب وتزيل العيوب فمن كان ذو قلب سليم فقد عف لسانه وجوارحه عن ارتكاب كل قبيح.
وفي الختام فإن سلامة الصدر من أجمل الخصال الحميدة التي يجب أن يتحلى بها كل مؤمن ومؤمنة. وهي السبيل إلى رغد العيش وراحة البال، ولهذا سأرجو من الله أن يرزقنا وإياكم قلوباً مطمئنة.