لأنه الله لا نخاف ولا نقلق …لأنه الله نحيا بقلبٍ يملئه الأمل … لأنه الله روحنا مطمئنة.
إن القلب المتعلق بالله وممتلئ بحبه والخوف منه والرجاء به، امتلك سر سعادة الدنيا والأخرة وتجاوز مرحلة الأحزان وابتعد عن وساوس الشيطان.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن لله تِسْعَةً، وتِسْعِينَ، اسْمًا، مِائَةً إلا واحدا مَنْ أَحْصَاهَا دخل الجنة”
إن معرفة أسماء الله الحسنى هي مدخل ينقل المسلم إلى عالم روحاني يجعل الروح تخشع لله وتبتهل له، فأسماء الله الحسنى هي بمثابة نبراس يهتدى به في ظلمات الحياة.
أهمية معرفة أسماء الله الحسنى:
ركيزة أساسية في تذوق حلاوة الإيمان في القلب:
حيث إن معرفة أسماء الله الحسنى هي السبيل إلى معرفة الله تعالى وعبادته على الوجه الذي يليق بعظمته وجلاله، فالإنسان عندما يعرف صفات أحد ما يزداد تعلقاً وتسليماً له، فلا حاجة للعبد إلا عند الله ولا إمكانية لحدوث أي شيء في مجرى هذا الكون إلا بقدرة الله تبارك وتعالى.
معرفة أسمائه تبارك الخالق، المصور، المبدئ، المعيد تسليم كامل لله بوحدانيته في خلق هذا الكون وخلق جميع المخلوقات من إنسان وحيوان ونبات وتصوريها بأحسن شكل.
قال تعالى: “هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ“
الطمأنينة والتسليم لله:
يكمن التسليم لله في الإيمان المطلق له بأن كل ما قد يصادفه في حياته من خير أو شر هو من عند الله وما قد يمنع عنه أيضاً فهو من عند الله فالله عزوجل هو المعطي والمانع مما يجعل الإنسان يعيش راضياً بقضاء الله وحكمته في تسيير أمور حياته التي تخفى عنه.
اسم الله المؤخر يجعلنا نطمئن أن الله سيرسل لنا ما نريده في الوقت المناسب لنا وعندما يكون فيه خير ومنفعة لنا.
الرازق هي تسليم مطلق أن رزقه الله وكل دابة تدب على الأرض بيد الله تعالى وحده وليس بيد أي مخلوق على وجه الأرض مهما بلغت قوته.
الخشية والخوف من الله تعالى:
فمثلاً اسمه تبارك وعلا السميع تجعل في قلب المؤمن خشية من كل حرف وكلمة ينطق بها لأن الله سيسمعه ويكون معه في كل زمان ومكان وفي معنى اسمه السميع صيغة مبالغة للدلالة على أن الله عز وجل يسمع أصوات نفسنا الداخلية التي يهمس بها العبد بينه وبين نفسه دون أن ينطق بها قال تعالى: “فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ“ فيسمع دعائنا وحزننا وشكوانا التي نبقيها في أنفسنا ولا نجهر بها.
فقد سمع دعاء ونداء سيدنا يونس وهو في ظلمات البحر في بطن الحوت فنجاه منه.
وهو الذي يسمع تسبيح المخلوقات التي لا يسمع صوتها الإنسان فيسمع أصوات الحيوانات والنباتات.
وهو البصير الذي يرانا في كل خطواتنا و تحركاتنا وهو الذي يدرك أبصارنا في كل لمحةٍ مما يجعل في قلوبنا وأنفسنا تخشى الله وتخافه في أي تصرف قد تقوم به ويدرك ما لا تدركه أبصارنا فيرى المخلوقات والكائنات الدقيقة التي لا يدركها البصر البشري.
قال تعالى: “فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير” فليحرص العبد على أن يراه الله بالصورة التي ترضيه وهو قائم يعبده ألا يراه بصورة تغضبه وهو يعصيه ويقوم بالآثام والفواحش.
تعظيم الله تعالى:
“”لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ” هو الله الذي كمثله شيء ولا يساويه مخلوق في هذا الكون وحده القادر على تسيير هذا العالم الكبير بما فيه من مخلوقات بقدرته العظيمة وحده، وهو وحده القادر على إدراك جميع المخلوقات وإدارة أمورهم وقضاء حوائجهم.
وهذا تسليم مطلق بوحدانية الله تعالى وربوبيته في هذا الكون وليس معه شريك في ملكوته وليس كمثله أحد، قال تعالى: “وَلِلَّـهِ المَثَلُ الأَعلى وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ “
زيادة محبة الله تعالى:
إن محبة الله تعالى هي الغاية التي يسعى العبد للفوز بها فمن يحب الله يلتزم بأوامره ويسعى لمعرفته والتقرب منه، فمحبة الله تزكي القلب والروح والمحب يتبع محبوبه ويفعل كل ما يقربه منه.
الله الغفور الذي يغفر لنا الذنوب التي تعكر لنا صفو حياتنا وتثقل قلوبنا بالهموم من محبته سبحانه وتعالى جعل لنا الاستغفار لنرجع إليه ونخرج وساوس الشيطان من قلبنا، فنذهب إليه خاضعين طامعين في مغفرته فيفتح لنا أبوابه فرحاً بتوبتنا وعودتنا إليه.
قال تعالى: “إلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”
الله الرحمن الرحيم وسعت رحمته كل شيء وشملت جميع مخلوقاته فمن رحمته بنا أرسل لنا الدين الإسلامي ليبين لنا طريق الصواب ويبعدنا عن الخطأ والمعاصي.
وهو من كل خلق و سخر للإنسان كل شيء في الكون لخدمته و لمصلحته فقد سخر الرياح لتحمل لنا السحاب المحمل بالمطر، ومن رحمته بنا لم يكلفنا ما لا نستطيع عليه.
قال تعالى: “وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً “
استجابة الدعاء:
تصادف الإنسان في حياته العديد من المواقف والمصاعب التي لا يقوى على التصرف بها ولا كيفية التعامل بها فعند معرفته و إلمامه بأسماء الله يدرك أنه الملجأ الوحيد الذي يركن ويستند إليه.
قال تعالى: “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”
الله الشافي هو وحده تبارك القادر على شفائنا من الأمراض التي قد تصيب أرواحنا أو أجسامنا، ولولاه لما استطاع الدواء الذي نتناوله أن يشفينا ويخفف عن المرض. هو الشافي الذي نستطيع أن ندعوه في أي وقت ونرجو رحمته هو الشافي الذي لا نحتاج إلى مواعيد مسبقة حتى نرجو دوائه.
هذه بعض من أسماء الله التي يتوجب علينا معرفتها وترسيخها في قلوبنا، أسماء الله التي تخفف عنا مصاعب الحياة ومعاناتها وتغير حالنا إلى أحسن حال عندما تمتلئ قلوبنا بمحبة الله والإيمان به.