أنزل الله عزوجل الدين الإسلامي خاتمة الأديان السماوية ويتممها وجعله دين شامل لجميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعاملات المالية والحياة الأسرية والحقوق والواجبات المفروضة علينا وأنزل القرآن الكريم دليل ومنهج وقاعدة نسير على خطى الرسول عليه الصلاة والسلام الذي فسر لنا تعاليم القرآن وديننا الحنيف.
بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالدين الإسلامي إلى الناس كافة على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وساوي بين البشر كافة.
قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون”
من فضل الله علينا ورحمته بنا فقد فسَر لنا الدين الإسلامي وشرح كل ما قد يحدث معنا أو يصادفنا خلال مسيرة حياتنا حتى لا نجد مشقة في التعايش مع محيطنا.
الإسلام في الحياة الاقتصادية:
حيث وضع لنا الإسلام أسس لحياة اقتصادية تسودها المحبة والألفة وبعيدة عن الحقد والعداوات وتؤمن لنا حياة كريمة تتوسط بين الإسراف والبخل قال تعالى:
” ولاتجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط “
وقد وضح لنا حدود وحقوق كل شخص في التصرف بأمواله بما يرضى الله تعالى وإنفاقها في الحلال والابتعاد عن المحرمات
قال تعالى: “لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّـهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا”
بالإضافة إلى أنه جعل للمساكين والأيتام نصيب من أموالنا حتى لا يكون هناك تفاوت كبير بين الناس أو أحقاد والأضغان خفية قد تؤدي إلى مجتمع يسوده الفساد
قال تعالى: “مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ”
الإسلام في الحياة الاجتماعية
كانت الركيزة الأساسية في الدعوة الإسلامية تقوم على التآخي والتوحيد وإنشاء دعائم مجتمع إسلامي قوي متين كأنه جسد واحد يدعم بعضه بعضاً
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً”
وهذه دعوة صريحة من النبي الكريم لبقاء العلاقات الاجتماعية موصولة ونقية خالية من الحقد والابتعاد عن إيذاء الغير مهما كان صلة القرابة والعلاقة معه
وقد كان الركن الأساسي الذي ركز عليه الإسلام واهتم به بكافة جوانبه وتفاصيله هي الأسرة فإن صلح أفراد الأسرة صلح المجتمع بأكمله
دعا في البداية إلى بر الوالدين وعدم عقوقهما والقيام بواجباتها على أكمل وجه بلا تأفف وملل فقد جعل رضاه عز وجل من رضا الوالدين من فاز برضاهما فاز برضا الله وجنته أما من خاب وخسر رضاه ونال ناره وغضبه تعالى
قال تعالى: “وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تنرهما وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”
أما الدرجة الثانية فهي العلاقة الزوجية الجيدة التي هي اللبنة الأولى لبناء أسرة جيدة يلفها الحب والأمان والطمأنينة
قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”
من رحمته بعباده أن خلق الأزواج متشابهين ومناسبين لبعضهم لتحصل بينهم ألفة ومودة مما يعكس ذلك على الأطفال فينشأوا على خطأ أباءهم ويقوموا بدورهم بإنشاء أسرة متينة البنيان وهكذا توالياً
صلة الرحم
أما بالنسبة إلى صلة الرحم التي تشمل زيارة الأقارب والاطمئنان على أحوالهم من آن لآخر كان لها نصيب في ديننا فقد نهانا عن القطيعة بين الأقارب وحثنا على زيارتهم واستقبالهم والقيام بواجب الضيافة تجاههم لما فيها من توطيد وتمتين العلاقات والقرابة
قال رسول الله: “من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه”
إن العبادات التي فرضها علينا الدين الإسلامي هي المقومات والأساسات للوصول بنا إلى حياة مثالية فالصلاة التي هي عماد الدين تنهى عن الفحشاء والمنكر وإن صلحت صلح حال العبد وإن فسد فسدت حياة الإنسان وابتعد عن طريق الصواب
والصوم الذي يهذب النفس البشرية ويعودها على الصبر والإحساس بالآخرين
إن الله عز وجل خلق الإنسان بغريزته وفطرته محب للمال لذلك فرض عليه الزكاة حتى يجبر نفسه على الإنفاق مما رزقهم الله لمساعدة غيره
الإسلام والعلم:
لقد بين الإسلام المكانة المهمة للعلم في بناء المجتمع وحثنا على طلبه والسعي في طريقه ولم يقتصر على طلب العلوم الدينية بل أمرنا بالعلوم الكونية أيضاً لنكون على معرفة شاملة بتفاصيل كوننا المحيط بنا, وقد فضل الله عزوجل بالدرجات في الدنيا والآخرة بين الإنسان الساعي في طلب العلم وغيره من الجاهلين الذين لا يسعون في طلبه
قال الله عزوجل تعالى: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب”
وقد جعل الله طلب العلم بمنزلة الجهاد في سبيل الله
قال رسول الله “مَن خَرَجَ في طَلَبِ العِلمِ فهو في سَبِيلِ اللهِ حتى يَرجِعَ”
ويساعدنا العلم على استكشاف حكمة الله في كل شيء خلقه في هذا الكون والإلمام بتعاليم وسنة نبيه واتباعه بالطريقة الصحيحة
هذا هو ديننا الإسلامي وهذه تعاليمه وسنة نبيه الكريم التي لو التزم بها الجميع نشأنا في مجتمع مثالي متكامل متآخي يتسم بأخلاق عالية وروحانية بعيد كل البعد عن الحقد والكراهية والطبقية……