الصراط المستقيم هو الذي يرجوه كل مسلم يسأل الله في كل الصلوات أن يرزقه إياه قائلاً: {اهدِنَا الصِرَاطَ الْمستقِيمَ} . ثم بيّن الله سبحانه وتعالى وصف هذا الصراط في الآية التي تتبعها: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمغضوب عَلَيهِمْ وَلَا الضَالِينَ}. وليعلم المسلم أنه هو سبيل المؤمنين وليس سبيل المغضوب عليهم وليس هو سبيل الضالين.
بل ويوجد هناك من الملاحظات الهامة في هذا السياق وهو أن يضاف الصراط مرة إلى الله ومرة إلى العباد ويذكر مفرد معرف باللام مرة وبالإضافة مرة فأما إضافته إلى الله تعالى فلأنه هو الذي شرعه ونصبه، وأما إضافته للعباد فلأنهم أهل سلوكه، وأما ذكره مفرد معرف باللام مرة وبالإضافة مرة فلا إفادة تعيينه واختصاصه ولأنه صراط واحد بخلاف طرق أهل الضلال”.
ما هو الصراط المستقيم؟
إن أوضح هو التعريف القرآني المتمثل بالآية السابعة من سورة الفاتحة: (صرَاطَ الَذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَالِينَ)، التي جاءت بعد توجه العباد الى الله والدعاء وطلب الهداية منه (اهدِنَا الصِرَاطَ المُستَقِيمَ)، فبيّن أنه مخصص للذين أنعم عليهم.
وصف الصراط بالمستقيم:
وهذا ما بني عليه جلّ آيات الصراط البالغ عددها خمس وأربعين آية، مبثوثة بين ثنايا آيات القرآن الكريم، وبهذا الوصف يفتتح القرآن الكريم أول آية من آيات الصراط، وهي الآية السادسة من سورة الفاتحة (اهدِنَــا الصِرَاطَ المُستَقِيمَ).
ويكشف في الآية التي تتبعها مباشرة السرّ العميق والكنز الدفين من وجود الصراط المستقيم وانكشافه للبشرية، إذ يبين ماهيته، ويبين أنه طوق النجاة للأمة من الغرق في مستنقع هذه الدنيا الدنيّة، وأنه صراط الذين أنعم الله عليهم.
ومن الآيات الأخرى قول الله تعالى(يَهدِي مَن يَشاء إِلَى صِرَاط مستقِيم)، وقوله تعالى(إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُكُمْ فَاعبدُوه هذَا صِرَاط مسْتقِيم)، وغيرها من الآيات الكريمة.
شكل الصراط ؟
الصراط :هو جسرٌ طويل تم رفعه فوق نار جهنم، وهو أحد من حد السيف وارفع من الشعرة، له حافتان يتقومان يتسببان في وقوع الناس فوق النار إذا ما أرادوا أن يعبروا عليه. و هو جسرٌ زلق بصورة ٍكبيرة جداً ولا تستطيع الأقدام أن تثبت عليه. وكما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن فيه خطاطيف تخطف الناس من فوقه وتلقيهم في نار جهنم.
صفات الصراط المستقيم
ذُكر فيما سبق أن الصراط المستقيم هو أحد المحطّات الّتي يمرّ عليها النّاس يوم القيامة وهو جسر ممدودٌ فوق جهنّم يعبره النّاس وقد ذُكِر في السّنّة النّبويّة الشّريفة أوصاف الصراط المستقيم الّذي يكون في الآخرة حيث ورد في العديد من الأحاديث وصفاته هي ما يلي:
- هو جسرٌ أدق من الشّعرة واحد من السّيف له حافّتان تُسقِطان النّاس فوق بعضهم إذا أرادوا العبور عليه كما أنّه زلقٌ لا تثبت عليه الأقدام فيقع العابرون، ومن الصّفات أيضاً أنّ فيه خطاطيفٌ وكلاليبٌ تلقط النّاس العابرة من فوق هذا الجسر و أشواكٌ عريضةٌ من حديدٍ يعلق بينها النّاس فلا يستطيعون إكمال العبور إلا من شاء الله تعالى له العبور وينجو.
- ولا يعبر هذا الجسر المليء بالعقبات إلّا من شاء الله تعالى وهو كلّ من خفّت آثامه وثقلت له حسناته وأعماله الصّالحة فيعبره بإذن الله وأمّا من ثقلت عليه آثامه فيسقط في جهنّم المستعرة الموقودة بنارها تحت هذا الصّراط ويلقى في العذاب إلى أن يأذن الله تعالى لمن له حقٌ وإذنٌ بالشّفاعة كالشّهداء والملائكة أن يشفعوا لمن وقع في النّار والله أعلم.
تفسير الصراط المستقيم للشعراوي
في تفسير الإمام محمد الشعراوي -رحمه الله تعالى- الصراط المستقيم، أن “الصراط” هي الطريق التي توصل لغاية، وأما “المستقيم” فهي الطريق التي لا اعوجاج فيها والمؤدي إلى الحق، ويجب على كل مسلم أن ينصب الغاية حتى يصل إلى مبتغاه وهو الحق والدين القويم، وفي تفسيره للآية قال أن الصراط المستقيم هي شرع الله، ومن اتبعه استدل على الصراط المستقيم، ونال مبتغاه في الدنيا والآخرة.
تفسير ابن تيمية
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في تفسير الآية من سورة الفاتحة، أن الله تعالى أمرنا باتباع الصراط المستقيم الذي هو طريق الحق، ولا نكون من المغضوب عليهم، والذين هم اليهود والنصارى، مستشهداً بالحديث الشريف، “وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون}”، قال إن الصراط هو صراط الذين أنعم الله عليهم، وذكروا في القرآن، وهم الأصناف الأربعة نحو النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وقال الإمام ابن تيمية أن الله شدد على ذكر الصراط المستقيم و”غير المغضوب عليهم ولا الضالين” لأن الله يخاف على عبده أن يختل بين هذين الطريقين المتناقضين.
الخلاصة
أن الذي يجب نقله، وقوله في تفسير الصراط المستقيم أنه دين الله تعالى، الذي هو الإسلام، لذلك فإن العبد حسب سلوكه في هذا الصراط في هذه الدنيا، يكون حاله في العبور عليه يوم القيامة.