خلق الله سبحانه وتعالى الجسد البشري بأبهى صورة وأحسنها وجعل كل أعضائه متكاملة في العمل ومتعاونة يتم كل عضو منه مهمة الأخر، وخلق الله في الإنسان المشاعر والأحاسيس التي تكمل اعمال أعضاء الجسم وتميزه عن غيره من باقي الكائنات الحية.
لقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود علاقة بين المشاعر والجسد تتأثر طرداً فيما بينهما فعندما تكون الحالة النفسية للشخص جيدة تؤثر بطريقة إيجابية على الصحة الجسدية للإنسان وكذلك العكس في حال كانت الصحة النفسية متوترة أو في حالة سيئة فهي تؤثر سلباً عليه.
تأثير المشاعر على الجسد:
مشاعر الفرح والسعادة:
الشخص السعيد هو شخص يملك من الرضا القدر الكافي الذي يجعله ينظر بإيجابية إلى كل شيء حوله والذي يجد في أبسط الأشياء ما يدخل البهجة والفرح إلى قلبه.
إن الشعور بالسعادة يجعل الإنسان أكثر إقبالاً على الحياة وتفاعلاً مع المحيط من حوله، عندما يعشر الإنسان فإن الدماغ يفرز هرمون الدوبامين المعروف باسم هرمون السعادة والذي يعزز النشاط في جميع أعضاء الجسم فيدفعه إلى القيام بأعمال ونشاطات تزيد من كمية السعادة مثل الرياضة أو الرقص أو الخروج مع العائلة والأصدقاء.
إن للسعادة تأثير واضح على الصحة الجسدية للإنسان فهي تنعكس إيجابياً على صحة القلب والأعصاب لابتعادهما عن التوتر والقلق، كذلك عندما يكون الإنسان سعيداً يستطيع ان يعطي جسمه القدر الكافي من الراحة والنوم ويبتعد عن كل ما يؤذيه كالسهر والتدخين، وينعكس ذلك بشكل واضح وكبير على وجه الإنسان فيكون بشوشاً وبشرته صافية من الحبوب التي قد تظهر نتيجة ضغوط نفسية.
مشاعر الغضب:
إن الغضب من المشاعر القوية التي تسيطر على الإنسان وتؤذيه بشكل كبير.
الغضب يجعل الإنسان في حالة لا وعي أو إدراك لما يدور حوله ويفقد السيطرة أو القدرة على التحكم بأعصابه فيقوم بأعمال لا تحمد عواقبها.
للغضب تأثير سلبي كبير وخطير على صحة جسم الإنسان فهو يحفز من نشاط الغدة الكظرية المسؤولة عن إفراز هرمون الأدرينالين المسؤول عن التوتر، ويزيد من خطر الإصابة بالأزمات القلبية أو الجلطات الدماغية، يرفع من ضغط الدم نتيجة زيادة عدد ضربات القلب.
إن إفراز هرمونات التوتر بشكل كبير بسبب الغضب يؤثر على الجهاز المناعي ويسبب صداع وآلام في البطن بالإضافة إلى الإصابة ببعض الأمراض الجلدية والإحساس المستمر بالإرهاق والتعب.
مشاعر الحزن:
الحزن هو المشاعر السلبية التي تسيطر على الإنساننتيجة تعرضه لموقف فقد فيه شخص غالي عليه أو ربما خذل من شخص قريب له سواءً كان عائلة أو صديقاًوقد يكون الحزن نتيجة خيبة أمل.
عند تعرض الإنسان للحزن يصبح شخصاً هادئاً يحب الانعزال والوحدة وقد يصاحب حزنه نوبات من البكاءإذا كان تأثره بالحدث الواقع عليه كبير.
الشخص الحزين ينعكس حزنه بشكل أضراراً خطيرة على صحته الجسديه. فالحزن يسبب إجهاداً كبيراً للقلب وتعباً للجسد كله نتيجة ابتعاد الإنسان عن كل ما يقوي جسمه ويساعده على الحياة فقد يلجأ الإنسان للتخفيف عن حزنه إلى بعض العادات السيئة كالتدخين والمشروبات الكحولية التي تؤدي إلى تلف في الكبد والرئتين إن استمر بها لمدة طويلة.
إن الشخص المصاب بالحزن قد يصاب بالأرق فيحرم جسمه من حقه في النوم والراحة مما يسبب له تعباً أكثر، وقد تتطور حالة الحزن عند بعض الأشخاص ليصل به الحال إلى الاكتئاب.
مشاعر الفقدان والفراق
إن أصعب شيءقد يصاب به الإنسان هو فقدان شخص غالي عليه إن كان قد افترقا بالمسافات أو بالموت، فيدخل الإنسان في قوقعة الحزن والألم وذلك على حسب محبته او تعلقه بهذا الشخص ويصبح الشخص منعزل عن العالم الخارجي من حوله، إن تعلق شخص ما بآخر يفرز مادة في الجسم تشبه حالات الإدمان.
مشاعر الفقدان تؤثر بشكل سلبي جداً على الصحة الجسدية للإنسان فهو أول ما يبتعد عن الطعام ويواجه صعوبة في النوم بسبب آلام الذكريات التي تجتاح عقله، وقد يشعر الشخص أيضاً بألام في الصدر وإصابة عضلة القلب بوخزات قوية بين الحين والآخر قد تتطور في بعض الحالات لتصبح أزمات قلبية شديدة، ويفقد شغفه بالحياة وتتعرض بشرته للبهتان وينعكس التعب النفسي عليها.
إن الشخص المصاب بالفراق إن لم يستطيع الخروج من الحالة التي تسيطر عليه ولم يجد من يسانده في أزمته فقد تتطور حالته وتصل به إلى مرحلة الانتحار.
العناية بالصحة النفسية:
يجب علينا العناية بصحتنا النفسية لما لها تأثير كبير على جسمنا لنتجنب الإصابة بالأمراض أو التعب وذلك عن طريق:
- ممارسة الرياضة بشكل مستمر للمحافظة على اللياقة البدنية وتحسين المزاج.
- اتباع نظام غذائي صحي مدروس جيداً مناسب لاحتياجات الجسم غني بالفيتامينات والمواد الطبيعية التي تنمي العقل والقلب.
- تنظيم ساعات اليوم بين العمل والنوم والراحة وإعطاء كل شيء حقه اللازم.
- الابتعاد عن التدخين والسهر والمشروبات الكحولية واستبدالها بالعصائر الطبيعية.
- تخصيص أوقات للعائلة والأصدقاء والخروج من المنزل إلى أماكن تجدد الطاقة وتزيد من السعادة عند الإنسان.
- التركيز على الأشياء الإيجابية في الحياة والابتعاد عن الأشخاص السلبين ومحاولة تجنبهم.
- تخصيص وقت لنفسه يقضيه في الاسترخاء أو مطالعة الكتب أو مشاهدة أفلام او ربما في كتابة مذكراته الشخصية.
أثبتت الدراسات الحديثة أن العلاقة بين المشاعر والجسد هي علاقة طردية كل شعور نشعر به إن كان إيجابياً أو سلبياً بالمقابل هناك نسيج أو عضو ما في أعضاء جسمنا يتأثر به بطريقة مباشرة.
فالصحة الجسدية والنفسية مرتبطتان ببعضهما ويعتبران وجهان لعملة واحدة وهو الإنسان فالهرمونات التي تفرزها الحالة النفسية في الجسم هي السبب وراء هذا الارتباط.