الأم هي اللبنة الأساسية في بناء الأسرة والمجتمع، وهي السراج المنير في طريق حياة أولادها، هي الحب الأول في حياة أطفالها والمعلمة والطبيبة، هي مصدر أمان وطمأنينة المنزل والسبب الأساسي في استقراره.
لها الدور الأساسي والكبير في إعداد أطفالها ليكونوا شباباً نافعين وخادمين للمجتمع والإسلام وفتيات مثقفات قادرات على قيادة أسرة جديدة فتكون لهم نعم القدوة الصالحة والمثل الأعلى.
إن كل هذا مرتبط بالمقابل أن تكون الأم على مستوى عالٍ من النضج والوعي وتقدير للأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقها.
دور الأم في حياة الأبناء
دورها في مرحلة الطفولة
إن مرحلة الطفولة أهم مرحلة في تأسيس الأطفال لأن الطفل يكون فيه نقي وصافي القلب ويتقبل كل شيء من حوله لذلك كانت هي الأساس، إن الطفل يحتاج إلى الحب والحنان والعطف وإلى احتضانه بين الحين والأخر ليحس الطفل بالأمان والطمأنينة في حضن والدته، على الأم أن تبتعد عن أسلوب التربية القاسي في هذه المرحلة وتتبع الأسلوب اللين والرقيق والتسامح لبناء شخصيتهم بطريقة سوية بعيدة عن الاضطهاد والقسوة، وعليها أن تسعى لقضاء معظم وقتها مع أطفالها لتكون الشريك الأول والدائم معهم في جميع لحظات حياتهم وتوفير مساحة مناسبة لهم للعب واكتشاف الأشياء من حولهم وإحساسهم بفرحها وفخرها بهم في حال إنجازهم لشيء ما.
يقع على الأم مسؤولية عظيمة وحساسة في هذه المرحلة لأنها تكون القدوة لهم في كافة أعمالها وتصرفاتها وحديثها فيقلدها أطفالها، ومن الجانب الصحي عليها أن تحرص على تقديم الغذاء المناسب لهم لبناء جسمهم وعظامهم وأدمغتهم وتبعدهم عن كل ما يؤذيهم ويضر بصحتهم.
دورها في مرحلة النمو:
تكون هذه مرحلة بناء الطفل من الناحية النفسية والثقافية والدينية والأخلاقية، فالأم هي المعلمة الأولى في حياة الطفل، في هذا العمر تكون أسئلة الطفل كثيرة فعلى الأم أن تجيبه بإجابات تشبع رغبات فضوله بما يتناسب مع عقله وقدرة استيعابه.
من الناحية الثقافية يكون الطفل وصل إلى مرحلة قادر على فهم المحيط من حوله فتحاول الأم مساعدته في الاطلاع على ثقافة مجتمعه وتاريخه والثقافات الأخرى ومعرفة الهوايات المحببة لديه ومساعدته على تنميتها، أما من الناحية الدينية فعلى الأم تعليم الطفل تعاليم الدين الإسلامي وتثبيت العقيدة في قلبه وتعويده على القيام بالعبادات المفروضة عليه وحثه على الالتزام بها بالإضافة إلى زرع محبة الله ورسوله في قلبه وتنشأته على الطريق الصحيح.
ومن الناحية الأخلاقية فالطفل يكون قد وصل إلى مرحلة لديه القدرة الكافية للاستيعاب فعند نهيه أو توجيهه إلى أمر ما يفهم السبب من ذلك بالإضافة إلى تعوديه على الاحترام والتحلي بخلق جيد ومؤدب مع من حوله وخاصة مع الأكبر منه في العمر ومعاملة من يماثله بالعمر بطريقة لطيفة تحبب الجميع فيه وتقربهم منه.
على الأم أن تحاول قدر الإمكان معاملة أبنائها جميعاً بالمعاملة ذاتها والابتعاد عن التمييز والمقارنة بينهم لتجنب زرع الحقد والكراهية بينهم وتربيتهم على المحبة والمساواة.
دورها في مرحلة المراهقة
هذه أكثر مرحلة تتطلب جهد وتعب كبير ومكثف من الأم، فالأبناء في هذا العمر يظنون أنهم قادرين على اتخاذ قرارت حياتهم بمفردهم دون اللجوء إلى والديهم ويكونوا أكثر عرضة للانحراف نحو الخطأ والتأثر بمن حولهمبطريقة قد تؤثر على حياتهم يشكل سلبي وخطير، فمن واجب الأم أن تكون قريبة قدر الإمكان من أطفالها وتصادقهم لتعرف كل ما يدور معهم خارج المنزل ويطلعوها عليهفتنصحهم بأسلوب رقيق لطيف بعيد عن العنف والقسر وتحاورهن لتعرف وجهة نظرهن للأشياء و تبين له الطريق الصحيح الذي يضمن بقاؤهم بأمان بعيداً عن الخطأ و رفاق السوء وتضمن أيضاً عدم إخفاؤهم لأي شيء يحدث معهم مخافة معاملتهم بأسلوب قاسي أو تعرضهم لسوء الفهم.
يكمن الدور الأساسي للأم في التعامل مع أخطاء الأبناء بطريقة حكيمة والإمساك بيدهم وإرشادهم إلى طريق الصواب.
دور الأم في مرحلة الشباب:
عندما يصل الأبناء إلى عمر الشباب يقل دور الأم في تربيتهم إلا أنه لا ينتهي فربما ينحصر دورها في مساعدتهم باختيار فرع الدراسة الجامعية المناسب لهم وتأمين جو منزلي مناسب لهم وتكون دائماً ملجئهم الآمن الذي يختبؤون فيه متاعب الحياة التي يصادفوها بعد أن كبروا وأصبح على عاتقهم مسؤوليات.
لما كانت الأم هي الأنثى الأولى في حياة أبنائها فيسعى بعض الشباب إلى البحث عن فتاة مشابهة لوالدتهم إن كانت قد أحسنت تربيتهم وبنائهم بشكل جيد.
عندما يكبر الأبناء ويصحبوا شباباً يأتي دورهم كي يردوا بعض الجميل لأمهم فالإسلام أمرنا ببر الأم وفاء وتقديراً لعظيم ما تقوم به تجاه أبنائها وأسرتها عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: “جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ “قال: أمك.. . قال: ثم من؟ …قال: أمك.. قال: ثم من؟ …قال: أمك.. قال: ثم من؟ قال: أبوك”
وعندما يتزوج الأبناء وينتقلوا إلى حياتهم المستقلة يكمن دورها في تذكير أبنائهم بحقوق أزواجهم عليهم وأن تكون سنداً لهم في أزماتهم وتساعدهم على حل مشاكلهم العائلية من غير أن تزرع الحقد أو كراهية، وأن تبعد عن افتعال المشاكل لهم.
إن وظيفة الأم من أهم الوظائف في المجتمع وأشقها فأغلب الموظفين لديهم إجازات أو أوقات دوام محددة وعطل إلا الأم فوظيفتها مستمرة على مدار أربع وعشرين ساعة بلا كلل أو ملل وتقديراً من الله عز وجل لتعبها جعل الجنة تحت قدميها ومرتبطة برضاها.
إن أرقى صناعة في الكون هي صناعة الإنسان فالأسود تلد أسوداً والأسماك تلد أسماكاً أما الأم هي وحدها القادرة على ولادة وصناعة إنسان قادر على إعمار هذا الكون بما يرضي الله.