الإستحقاق

كم هي عدد المرات التي قلت فيها لنفسك، تعبت كثيرا ولكن لا أحصل على نتائج؟ أو كم هي عدد المرات التي قلت فيها فلان لا يعمل ومع ذلك يحصل على ما يريد وهو لا يستحق، أو ربما سألفت إنتباهك لمثل مصري قديم نتداوله عندما نعتقد أن أحد ما حصل على شيء وهو لا يستحقه ( يدي الحلق للي ما عندوش ودان))، مع كامل تقديري للشعب المصري طبعا ..

دائما مفهوم الإستحقاق لدينا مربوط بمقدار الجهد الذي نبذله، لدرجة أننا عندما نبذل جهدا جسديا ونفسيا جبارا، نتحول إلى مقسمي للأرزاق فنقول فلان ماذا فعل حتى يستحق أن يحصل على ذلك، ذات يوما أخبرتني صاحبة مقربة لي لم يتم قبولها لبعثة دراسية، وكانت غاضبة جدا لذلك، فقالت مباشرة ، ما يقهرني أن فلان وفلان حصلوا على البعثة وهم أقل مني جهدا، تتراكم في عقولنا كمية كبيرة من المفاهيم الخاطئة حول حصولنا على ما نرغب ولذلك في هذا المقال أحاول أن أسلط الضوء على هذا المفهوم بالذات لأن الكثير منا يصاب بالإحباط واليأس ويشعر بعدم وجود عدل على الأرض، والسبب عدم فهمنا للإستحقاق

دعني أولا أوضح المفهوم الحقيقي للاستحقاق، فالإستحقاق يعني الثقة ( هو عملية شعورية) تعني أنك ستحصل على ما تريد بفضل الله فتثق بعطاء الله ورزقه ولا يعني الأحقية كما يظن البعض أ ي لا يعني أني عملت 10 ساعات إذا سأحصل نظير ال10 ساعات، ما هكذا يكون التعامل مع الله

لأن الله ينظر لقلوبنا، لا ينظر لجهدنا ومع ذلك لا يعني أن الله سيبخس حقك في الجهد حاشا لله، لكن الله يريد منك ثقتك به وتوكلك عليه بقدر ذلك السعي الذي تسعاه تجاه ما تريد.

دعني أعطي مثالا لتتضح الصورة أكثر: حسام شخص مجتهد يعمل ليل نهار لأجل أن يعدل من مستواه المادي فهو يعمل في 3 وظائف يوميا  ويتعب كثيرا، إلا أن حالته المادية تسوء أكثر، وهو كثير التذمر خاصة إذا مر على شخص يعرفه قال في نفسه عن ذلك الشخص يعمل بوظيفة واحدة ومع ذلك حظة يكسر الحصى، دعنا نحلل حال حسام

  1. الجهد = 100% يعمل 3 وظائف
  2. الإمتنان لم يشكر الله على الوظائف ال3 وغيره ولا يجد وظيفة
  3. 3-       والرضا = 0%  يرى ما عند غيره ((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (131) سورة طه
  4. التوكل على الله = 0%  يعتمد على عمله وجهده  وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) سورة إبراهيم
  5. النية مادية 100% يعني الهدف منها رفع المستوى المادي وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) سورة الطلاق

الخطأ في حالة حسام هو أعتقاده أنه يستحق لمجرد أنه يعمل ليل نهار، ولكن نسى أن الإستحقاق هو حالة من الشعور قائمة على الثقة بعطاء الله والرضا بما أعطى والإمتنان لما لديه من نعم وأن العطاء يكثر كلما تمنى الخير لغيره كما يتمناه لنفسه فلم يصلح نيته

من الحالة التي أمامك ستعرف أن الإستحقاق يعني مجموعة من الشروط حتى يتحقق استحقاقك العالي

  1. السعي وعدم التكاسل دون انتظار نتيجة لأن النتيجة موكله لله أي توكل على الله
  2. الثقة التامة بعدل الله وفضله وعطائه
  3. الرضاء بما أعطى الله
  4. اصلاح النية وتمني الخير للاخر

ما يحدث للكثير منا أننا نرغب ثم نعتقد أننا أصحاب حق فنتطاول على الله بالطلب فقط ونحن لا نؤدي حقه علينا، نشك به وبأنفسنا، فنيأس ولا نثق، نركن للدنيا ونتعلق برغباتنا ونوقف حياتنا لذلك نسعى كالمجانين نحو رغباتنا

كيف أصل لإستحقاق عالي؟

أولا أطلب من الله ما تريد وأسأله أن يسخر لك الأسباب وحدد نية طيبة لطلبك أن تبتغي بطلبك وجه الله ومن ثم أن تستخدم ذلك في خدمة الناس ونفسك

ثانيا: اسعى بالأسباب المتاحة متوكلا عليه دون انتظار

ثالثا: كن ممتنا لما تمتلك الآن، ولا تركز على ما تفقد حتى تحافظ على الشعور الإيجابي والذبذبات العالية

رابعا: لا تعش حالة من الإنتظار بل إمضي في بناء حياتك ، مركزا على إصلاحها وما دمت متوكلا على الله ستأتيك رغباتك دون موعد

تذكر أن عطاء الله لا يوزع لأن فلان يستحق أو لا بل لأن الله يوزع لحكم هو يعلمها، وأن مقدار ثقتك به يجعلك عنده مستحقا لما ترغب فيعطيك إياه

انتظروني في مقال آخر عن عوامل الإستحقاق العالي في الثلاثاء القادم، ليصلك الجديد يمكنك الإشتراك في موقعنا الآن

20 Responses

  1. الله يسعدك .. الله يسعدك .. الله يسعدك .. جزاك الله خير الجزاء عن كل حرف تجتهدين في كتابته و بيانه لنا .. لتوضيح و شرح ما نجهل في حياتنا .. الله يسعدك ويجزاك جنة سقفها عرش الرحمن .. امين ..

  2. جزاك الله خيرا استاذه امل وبارك الله في ذريتك
    كلماتك تعني لي الكثير وتغير في حياتي الكثير واحاول دائما تطبيقها في حياتي مع نفسي وزوجي واولادي
    زادك الله علما نافعا ورزقا طيبا

  3. شكرا جزيلا استاذة على هذا المقال..رفع من معنوياتي..والى الامام دائما
    ام هنادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Select your currency
USD دولار أمريكي