الإيمان يجعل لحياة الإنسان معنى وأهدافا سامية ونبيلة، ويوضح له ما المغزى من وجوده في هذه الدنيا الفانية، والإيمان الصادق لا يتطلب منك النطق بالشهادتين أو تأدية أركان الإسلام فقط بل هو مرتبة عليا لا يستطيع أي شخص الوصول إليها بكل بساطة، و معايير الإيمان الحقيقي الصادق ليس مجرد قول باللسان فقط بل هو إحساس داخلي وخضوع القلب وقول باللسان وعمل الجوارح، وللإيمان الصادق معايير وعلامات سأذكرها لكم.
معايير الإيمان
الثبات عند الشدائد والمحن
إن الثبات عند المحن والشدائد من صفات المؤمن الحق والصابر على قضاء الله إيمانا به واحتسابا لوجهه الكريم.
قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
ومن أعظم معايير الإيمان هي الثبات على المحن والابتلاءات. قل تعالى “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ“
معيار التوكل على الله
والتوكل على الله سبحانه وتعالى هو من معايير الإيمان ومن أسباب زيادة الإيمان في القلوب ودليل كبير على صحة إيمان العبد وصلاح قلبه.
قال تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرًا)
قال الله عزوجل : (وتوكل على العزيز الرحيم)
يقول ابن بطال: (التوكل على الله هو الثقة به والاستسلام لأمره وإيقان العبد بأن قضاءه عليه ماض)
معيار الإيمان بالله ورسله وملائكته
ويجب الإيمان بالله ووحدانيته والإيمان بجميع كتبه المنزلة على جميع الأنبياء والإيمان بجميع الرسل دون التفرقة بينهم والإيمان باليوم الآخر، وليس فقط قول اللسان بل إيمان بالقلب وإقرار أيضا
قال تعالى: “قولوا آمنا بالله وما أنزل إِلينا وما أنزل إِلى إِبراهيم وإِسماعيل وإِسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتيَ موسى وعيسى وما أوتِيَ النبِيونَ مِن ربهِمْ لاَ نفرقُ بيْن أحَد منْهم ونَحنُ لهُ مسلمون “
معيار لين القلب وخشيته.
ولين القلب هو خشيته ورقته من الله سبحانه وتعالى، وخاصة عند سماع آيات الله.
قال تعالى: “إِنَمَا الْمؤمِنونَ الذين إِذا ذكر اللَّه وجلتْ قلوبهم وإِذا تليت عليهم آياته زادتهم إِيمانًا وعلَى ربِهِمْ يتوكلون * الذِينَ يقيمون الصلاةَ ومِما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنونَ حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم “
كما يقول الإمام القرطبي: (تقشعر أي تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله أي عند آية الرحمة هؤلاء عندما يستمعون إلى كتاب الله تعالى أو إلى المواعظ، أو يشاهدون مناظر الموت والجنائز والغسل فإن قلوبهم تضطرب وتلين، فيخرج أثرها بكاء ودموعا تخرج من مآقيهم).
معيار السمع والطاعة والانقياد لأوامر الله.
يجب على المسلم أن يستمع لكلام الله استماع إدراك وتفهم، والانقياد لأوامره والعمل على تنفيذ جميع مطالب الله تعالى، فكيف ستكون حالك أخي المسلم وأختي المسلمة لو لم تستجيبوا إلى أوامر الله تعالى ورسله؟
قال تعالى: “وَقالوا سمعنَا وأطعنا غفرانك ربنا وَإِليك المصير”
معيار التطلع إلى لقاء الله والخلود في جناته
ويجب على المؤمن محبة الله سبحانه وتعالى والشوق للقائه في الآخرة، والاستعداد الدائم للارتحال من الدنيا
قال تعالى:
“زينَ للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرثِ * ذَلك متاعُ الحياة الدنيا * واللَّه عنده حسن الْمآب * قل أؤنبئكم بخير من ذَلكم للذين اتقوا عند ربهمْ جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرةٌ ورضوان منَ اللَه واللَّه بصير بالعباد”
معيار حسن الخلق
جعل الإسلام من حسن الخلق معيار من معايير الإيمان، كما وجعل لحسن الخلق ميزانا ليقاس به وهو الحياء والحياء هو زينة الأخلاق الحميدة والفاضلة، كما واعتبره الرسول صلى الله عليه وسلم شعبة من شعب الإيمان.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما كان الحياء في شيء إلا زانه“
عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر“
معيار طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى
فمن ارتكب ذنبا يجب أن يسارع إلى الله تعالى ليستغفر ذنبه ويتوب إليه توبة نصوحا، مع الندم وعدم الرجو إلى الذنب مرة ثانية.
قال تعالى:” فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار “
وأخيراً أحبابي في الله الإيمانُ يقوم على توحيد الله تعالى والإيمانُ الذي يريده الله هو الإيمانُ الذي ينفعُ صاحبَه، ليس فقط مجرد القول باللسان، هو الإيمان الذي يحيا في القلب فينمو ويزدهر، وينير ويضيء، ويزين هذا القلب بزينته، هو الإيمانُ الذي عاشه المؤمنون الصادقون العاملون من الأنبياء والأولياء الصالحين، هو الذي يَصْلُحُ به الواقعُ، وتستقيمُ به الحياةُ، ثبتنا الله وإياكم على الإيمان وسدد خطانا وهدانا وإياكم