تزكية النفس تعني الطهارة والنقاء، كما تعني النماء والبركة، ولها استخدامات كثيرة، فإن أضيفت إلى النفس فتعني طهارتها من العيوب التي تدنسها، وذلك ما أراده الذكر الحكيم من الفرد المسلم، حينما ألح على تزكية النفس في الكثير من الآيات، كقوله سبحانه: (ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)
ما معنى تزكية النفس
تعتبر تزكية النفس من الأمور المهمة التي ينبغي على المؤمن أن يحرص على الإلتزام بها في كل أمور حياته جميعها وذلك للسعى لتطهير هذه النفس من أي أوساخ توجد بها والقيام بالتحلي النفس بالصفات الحميدة، ولاشك أن تزكية النفس تحمل أهمية كبيرة للفرد فعلى سبيل المثال نلاحظ أن الله جل جلاله قد أكد على مدى فلاح من يعمل على تزكية نفسه.
فالنفس تعتبر من أكثر الأعداء للفرد، وذلك لأنها دوماً ما تدعوه للقيام بالمعاصي وحب الدنيا، ولذلك من هنا دوماً ما نجد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان دوماُ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن يقوم بفعل المعاصي والذنوب.
القرآن وأهميته في تزكية النفس
القرآن الكريم له أهمية كبيرة في علاج أمراض القلب، وعلى رأسها مرض العجب، وما يحدثه هذا المرض في نفس الفرد من تعاظم واستعظام على الآخرين يقول الله تعالى:( يا أيها الناس قد جاءكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) يونس: 57 .
وطريقة القرآن في المعالجة طريقة فريدة تجمع كثير من الوسائل السابقة، وبالأضافة عليها ما يعين قارئه على مداومة الانتباه لنفسه، والعمل الدائم على التخلص من أي تضخم في ذاته.
أحاديث تحض على تزكية النفس وتهذيب السلوك
تضمنت السنة النبوية كثير من الأحاديث التي تأمر باللين، والرفق، واليسر، والسهولة، وتنهى عن الكلام الفاحش، والالتزام بتلك الصفات هو أحد طرق تزكية النفس وتهذيب الطباع، و مع ذلك فيما يلي ذكر لبعض هذه الأحاديث الشريفة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا وأستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)
وفي رواية: (لن ينجي أحدا منكم عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول اللهِ؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللهُ برحمة، سددوا وقاربوا، واغْدُوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا).
عن عائشة أم المؤمنين *رضي الله عنها*: (أن اليهود أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: السام عليك، قال: وعليكم، فقالت عائشة: السام عليكم، ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال رسول اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: مهلاً يا عائشة، عليكم بالرفق، وإياك والعنف، أوِ الفحش، قالت: أولم تسمع ما قالوا؟! قال: أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهلم في)
أقسام تزكية النفس
تقسم تزكية النفس إلي عدة أقسام تتمثل هذه الأقسام فيما يأتي:
1- التحلية ويقصد بها أن يحرص المؤمن على التحلي بالأخلاق الحميدة والحسنة مع ذلك التحلي أيضاً بالصفات الحسنة.
2- التخلية يقصد تطهير نفس المؤمن من جميع المعاصي والأخلاق السيئة بها.
وسائل تزكية النفس:
وأما الوسائل التي توصل إلى تزكية تلك النفس وتهذيبها، فبعضها وسائل مجملة ووسائل مفصلة فأما الوسائل المجملة نعدد منها :
1 – العمل على تطهير النفس من الأخلاق الرذيلة التي ذكرنا العديد منها كالرياء والعجب والشح والبخل، والحرص والحسد، والكره
2 – تحليتها بالأخلاق الحميدة الحسنة بعد أن أصبحت جاهزة عند تخليها على الأخلاق الدنيئة، وتلك الأخلاق هي مثل : الإخلاص، وحب الله، والخوف من الله، والقيام بالفرائض، والتواضع
3 – الحفاظ على الفرائض، لأنها أفضل طاعة يتقرب بها الفرد إلى الله عز وجل (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)
4 – التكثير من النوافل لقول الله جل جلاله: (لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) وأكثرها تأثيراً في تزكية النفوس هو ما كان منها أكثر مذلة وخضوع لله جل جلاله
5 – قراءة القرآن، فهو صفاء للقلوب وإذا صفى القلب زكت النفس، ففي الحديث : (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد قيل وما جلاؤها قال : تلاوة القرآن وذكر الموت) (14) وقد قال الله جل جلاله وجل: ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) وقال لله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن)
أهمية تزكية النفس
اهتم أهل العلم بعلاج النفس من الآفات والأمراض والعمل على تزكية النفس وتهذيبها، وذلك للكثير من الثمار المترتبة على ذلك، وفيما يلي بيان البعض منها
ورود الكثير من الآيات التي تتحدث عن تزكية النفس، منها قول الله جل جلاله: (ونفس وما سواها) فالله تعالى أقسم بالنفس دليل على أهميتها وعظمة مكانتها.
تزكية النفس تعدّ غاية من الغايات التي أرسل بها محمد صلى الله عليه وسلم، ثمّ كانت فيما بعد مهمة الدعاة والمرشدين. تحقيق صلاح الجسد بصلاح القلب. النجاة يوم القيامة، والسعادة في الدار الآخرة.
كلمة أخيرة في تزكية النفس
ينبغي على الإنسان أن يعمل على تطهير النفس من الأوصاف الذميمة كالشرك والرياء والعجب والشح والبخل والطمع، وأن يقوم بتحليتها بالأخلاق الحميدة : كالإخلاص والمراقبة والإنابة والتقدير والتواضع ومنها أيضاً الحفاظ على الفرائض، والإكثار من النوافل، ومنها قراءة القرآن وفهمه والعمل بما فيه، لأنه الشفاء لكل داء.